1- السلوك الإنساني
يقصد بالسلوك الإنساني كل نشاط يصدر عن دوافع معينة تمثل حالة من التوتر الجسمي النفسي كإستجابة Response لمثير أو منبة Stimulus خارجي ( فيزيائي ، إجتماعي ) أو داخلي ( فسيولوجي ، نفسي ) موجه لتحقيق غاية محددة هي إشباع الدوافع.
ويتحدد مجال كل علم من العلوم الإنسانية بناء على موضوعة الذي يمثل جانب من جوانب هذا النشاط ، فمجال البحث في علم النفس مثلاً ينصب على دراسة ماهية السلوك وتفسيره ويقوم علم الاجتماع بدراسة علاقات التشابك المكونه لبنية المجتمع نتيجة الإجتماع الإنساني بينما يتحدد مجال البحث في علم الاقتصاد في دراسة الوسائل الممكنة والمتاحة لتحقيق الغاية من السلوك الإنساني ، والمتمثلة في إشباع ما يقف وراء السلوك الإنساني ويحركه ؛ أي الدوافع.
بيد أن هذه الدوافع ماهي إلا إلحاح حاجة أو رغبة ، وبالتالي فإن النشاط الإنساني الرئيسي ماهو إلا إستغلال الوسائل الممكنة والمتاحة لإشباع الحاجة أو الرغبة الإنسانية ، هذه الوسائل الممكنة والمتاحة لإشباع الحاجة أو الرغبة هي ما يطلق عليها إصطلاحاً بالسلع والخدمات.
وعليه ، فإن العمل الرئيسي للإنسان الفرد أو للإنسان الجمعي ( المجتمع ) عموماً هو إنتاج وإستهلاك السلع والخدمات التي تمثل الوسائل الممكنة والمتاحة لإشباع الحاجات والرغبات للفرد أو المجتمع
2- مجال علم الاقتصاد
بيد أن الوسائل الممكنة والمتاحة التي يقوم علم الاقتصاد بدراستها ، والتي تنحصر في عمليتي الإنتاج والإستهلاك للسلع والخدمات يجب أن تكون لها قيمة تبادلية ، ويعني أن للشيء قيمة Value أنه يحمل منفعة محددة ومعروفة ، أي القدرة على إشباع حاجة أو رغبة إنسانية ، وهذه القدرة مكتسبة نتيجة خواص ذاتية مرتبطة بطبيعة هذا الشيء نفسه. بينما تمييز هذه القيمة بأنها تبادلية Value of Exchange يعنى أن هذا الشيء يحمل قدرة الإستبدال مع شيء أخر هذه القدرة مكتسبة نتيجة ندرة هذا الشيء ندرة نسبية ، أي أنه موجودة بكمية أقل من الإحتياج إليه.
وعليه ، يتحدد مجال إهتمام علم الاقتصاد بدراسة الإنسان من جانب حياته المادية فقط أو مايعُرف بإنسان الاقتصاد أو الإنسان الاقتصادي Economic Human الذي يقوم بكل نشاط ينحصر في السلوك الإنساني المُنتِج والمستهلك ـــ والذي يعُرف بالسلوك الاقتصادي Economic Behaviorــ للسلع والخدمات التي لها قيمة تبادلية.
وتعرف هذه السلع والخدمات التي لها قيمة تبادلية في المجتمع بمصطلح السلع والخدمات النادرة ( الاقتصادية ) تمييزاً لها عن السلع والخدمات الحرة كالهواء ، أشعة الشمس …… إلخ والتي لاتثير أي إهتمام اقتصادي كونها موجودة بكمية أكبر من الإحتياج إليها.
وتوصف أي سلعة أو خدمة بأنها نادرة نتيجة ندرة مكوناتها ووسائل إنتاجها لجعلها صالحة لإستعمال والإستهلاك ؛ هذه المكونات ووسائل الإنتاج هى التي يطلق عليها مصطلح الموارد النادرة أي الموارد الاقتصادية ، والتي تتميز ــ علاوة على أنها نادرة ـ بخاصية أن لكل مورد على حدة العديد من الإستخدمات المختلفة ، فقطعة الحديد الخام من الممكن أن تكون ألة أو تستخدم في صناعة السيارات أو أن تكون قضيب لقطار أو تدخل في صناعة القطار نفسه أو … إلخ
وتعد هذه السلع والخدمات النادرة سبب وفي نفس الوقت نتيجة السلوك الاقتصادي بشقيه الإنتاجي والإستهلاكي ، فهى سبب للسلوك الإستهلاكي الذي يمثل إلحاح وطلب على هذه السلع والخدمات ، وهى نتيجة للسلوك الإنتاجي الذي يمثل إستجابة لهذ الطلب كعرض لهذه السلع والخدمات ، وكونها نادرة فهذا يعني أنها منتسبة من جهة الملكية لشخص معين بذاته حيث أنه لايمكن تصور شيء نادر إلا وأنه ملكية لشخص معين ، لذلك يمكن أن تنسب لمالكها بأنها ما لفلان ومن هنا تعرف بأنها مال.
وإجمالاً ، فان عمل الإنسان الاقتصادي هو إنتــاج وإستهلاك السلع والخدمات النادرة أي القيم التيادلية أو المال ، ويكون الإنتاج عن طريق إستغلال الموارد النادرة ذات الإستعمالات البديلة ( وسائل الإنتاج ) ، بغرض معين ؛ وهو الحصول على الثروة التي تعرف بأنها "المال" أي القيم التبادلية المملوكة أو جملة السلع والخدمات ، أما الإستهلاك فيكون عن طريق إستخدام هذه السلع والخدمات ( وسائل الإستهلاك ) في إشباع الحاجات والرغبات الإنسانية اللانهائية.
3- المشكلة الاقتصادية
بيد أن السلوك الاقتصادي في حد ذاته يقوم على مضادة أساسية تقع بين شقيه الإنتاجي والإستهلاكي ، هذه الضادة هي فعلاً التي تضمن تواتر هذا السلوك وإستمراريته وتتمثل هذه المضادة في أن السلوك الإنتاجي ينطوي على محدودية دائمة مصدرها مسببات العملية الإنتاجية نفسها ، أي الموارد النادرة ذات الإستعمالات البديلة ( وسائل الإنتاج ) بينما ينطوي السلوك الإستهلاكي على عدم محدودية دائمة مصدرها مسببات العملية الإستهلاكية نفسها أي الحاجات والرغبات اللانهائية.
و من هذه المضادة تبرزما يعرف بالمشكلة الاقتصادية التي وجد علم الاقتصاد من أجل حلها والتخفيف من حدة وطئتها ، والتي تُعرف بأنها "معضلة تخصيص الموارد النادرة ذات الإستعمالات البديلة لاشباع الحاجات والرغبات المتعددة المتنوعة المتنامية غير المتناهية".
وتتحدد المشكلة الاقتصادية في ثلاث عناصر تشكل المكونات الأساسية لها ، والتي تتمثل في الحاجات والرغبات ، الموارد الاقتصادية ، والتخصيص ، ونتيجة العلاقات فيما بين هذه العناصر يتضح أن للمشكلة الاقتصادية ثلاث أبعاد رئيسية هى الندرة ، الإختيار والتضحية ، وعند معالجة المشكلة الاقتصادية يبرز لها ستة محاور هى المنتَج ، الفن الإنتاجي ، التوزيع الكفاءة ، التشغيل الكامل ، والطاقة الإنتاجية المتنامية.
ظريف توفيق جيد
Ztgayed
الثلاثاء، 20 يوليو 2010
عناصرالمشكلة الاقتصادية
3/1- عناصر المشكلة الاقتصادية
3/1/1- الحاجات والرغبات
يجب التفرقة بين الحاجة والرغبة ، حيث أن الحاجة Need هى شعور بالحرمان نتيجة حالة من النقص أو الإفتقار الجسمي أو النفسي ، والذي يسبب نوع من التوتر أو الإضطراب النفسي حتى يتم إشباعه بهدف تجنب الألم ، بينما الرغبة Desire هى شعور بالميل نتيجة التفكير أو التذكر مما يسبب نوع من التوتر أو الإضطراب النفسي حتى يتم إشباعه بهدف ألتماس اللذة.
ومن الخصائص الأساسية للحاجة مايلي :
1- قابليتها للإشباع
2- قابليتها للإنقسام
3- قابليتها للقياس
4- قابليتها للتجديد
ومن صفاتها الأساسية مايلي :
1- متعددة
2- متنوعة
3- متنامية
4- غيرمتناهية
3/1/2- الموارد الاقتصادية
يجب عند تحديد مدلول مصطلح الموارد الاقتصادية أن نفرق بين المصطلاحــات التالية : المصدر ، المورد ، العنصر الإنتاجي ، والمدخل الإنتاجي ، حيث أن المصدر Source عبارة عن "مَعين لثروة كامنة لم تُعرف أهميتها أوكيفية إستغلالها بعد" ، في حين أن المورد Resource هو "مصدر معروف لثروة أُكتشفت أهميتها وكيفية إستغلالها فعلاً" ، أما العنصر الإنتاجي Factor of Production فهوعبارة عن "مورد معد للمساهمة في العملية الإنتاجية" بينما المدخل الإنتاجي Input عبارة عن "عنصر إنتاجي مستخدم فعلاً في العملية الإنتاجية".
فالغلاف الجوي مصدر ، حينما أكتشف أنه يحتوي غاز الأكسجين الذي له العديد من الإستخدمات ، ومع التطور العلمي الذي أفرز كيفية إستغلاله ، أضحى غاز الأكسجين مورداً اقتصادياً ، وحينما إستطاع التطور التكنولوجي أن يعبىء هذا الغاز في صورة أنابيب صالحة للإستخدام ، فإنه قد جعل من هذه الأنابيب عنصراً إنتاجياً ، وعند إستخدم هذه الأنابيب في العملية الإنتاجية فإنها تعد فعلاً مدخلاً إنتاجياً.
وعلى نفس القياس ، فإن الإنسان مصدر ، يشكل مجموع السكان بدءاً من الأطفال الرضع حتي الشيوخ المسنين مورداً إقتصادياً ، أما العنصر الإنتاجي فهو ذلك الجزء المعد فعلاً والمتأهب للمساهمة في العملية الإنتاجية كالخرجين المدربين ، أما المدخل الإنتاجي فهو ذلك الجزء الموظف فعلاً في العملية الإنتاجية.
وعليه ، فإن المورد الاقتصادي هو "مصدر معروف لثروة أُكتشفت أهميتها وكيفية إستغلالها فعلاً للمساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في خلق منفعة لم يكن لها وجود سابق أو إضافة لمنفعة قائمة "
وهناك العديد من التقسيمات للموارد الاقتصاديةEconomic Resources ، منها ماهو قائم على معيار التوزيع الجغرافي :
1- موارد لامكانية ، وهى الموجودة في كل الأماكن مثل الغلاف الجوي.
2- موارد مكانية ، وتنقسم الى ثلاث أنواع :
أ- موارد متعددة الأماكن ، وهى الموجودة في العديد من الأماكن مثل الأراضي الزراعية.
ب- موارد محددة المكان ، وهى الموجودة في مكان محددة ، مثل المعادن في باطن الأرض.
ت- موارد وحيدة المكان ، وهى الموجودة في مكان دون غيره مثل النيكل في كندا.
ومن التقسيمات ماهو قائم على معيار التجدد :
1- موارد متجددة ، وهى الموارد القادرة على تجديد نفسها مثل الأشجار والغابات والثروة الحيوانية.
2- موارد ناضبة ، وهى الموارد الموجود بكمية ثابتة لاتتغير مثل البترولوالفحم والغاز الطبيعي.
ومنها هو قائم على معيار طبيعة المورد :
1- موارد مادية ، وهى الموارد التي لها وجود مادي ملموس مثل الموارد الطبيعية والموارد البشرية والموارد المصنعة.
2- موارد غير مادية ، وهى الموارد التي ليس لها وجود مادي ملموس مثل الموقع الجغرافي ومستوى التعليم والصحة والثقافة العامة والسياسة العامة للدولة.
ومنها ماهو قائم على معيار الأصل :
1- موارد طبيعية ، وهى كل ماهو هبة الطبية وليس للإنسان دخل في وجوده ، وهى سطح الأرض من فوق ، ومايحويه باطنها من تحت ، وما يحيط بها من غلاف جوي ، وماتشمله من قوى وعوامل وظواهر طبيعية.
2- موارد بشرية ، وهى كل جهد بشري عضلي كان أو ذهني
3- موارد مصنعة ، وهى كل ماهو منتًج ليستخدم في إنتاج أخر
وهذه التقسيمات متكاملة لتوضيح وتوصييف هذه الموارد ، بالإضافة إلى أنها غير مانعة بالتبادل ، بمعنى أن إستخدام أحدهما لا يتعارض مع إستخدام أخر ، بيد أن التقسيم الأخير يعد هو التقسيم الأساسي وغيرها من تقسيمات مجرد تقسيمات جزئية له.
وإذا تم إعداد وتجهيز الموارد الاقتصادية للمساهمة في العملية الإنتاجية ، فإنه يطلق عليها مصطلح "عناصر أو عوامل الإنتاج" ، وهناك العديد من التصنيفات لعناصر الإنتاج منها ماهو قائم على معيار أصلي :
1- عنصر الأرض ، وهو نتيجة إعداد وتجهيز مورد طبيعي
2- عنصر العمل ، وهو نتيجة إعداد وتجهيز مورد بشري
ومن هذه التقسيمات ماهو قائم على معيار مصدري :
1- عنصر الأرض
2- عنصر العمل
3- عنصر رأس المال ، وهو نتيجة إعداد وتجهيز مورد مُصنع
ومنها ماهو قائم على معيار وظيفي :
1- عنصر الأرض
2- عنصر العمل
3- عنصر رأس المال
4- عنصر التنظيم ، وهو القائم بعملية التوليف بين العناصر الإنتاجية الأخرى
بيد أن التقسيم القائم على معيار مصدر العنصر يعد من أدق التقسيمات ، كونه يرد العنصر إلى مصدره الأساسي ، إلا أن التقسيم الأخير القائم على المعيار الوظيفي يعد أكثر هذه التقسيمات إنتشاراً ، نظراً لكونه يتوافق مع نظرية التوزيع التي تفسر الكيفية التي يوزع بها الدخل ، حيث أن الدخل أو العائد هو مصطلح جامع لأربعة مصطلحات جزئية يمكن تصنيفها حسب مصدر توليد الدخل ، حيث أن الريع أو الإيجار هو عائد إستخدام عنصر الأرض ، أما الأجر أو المرتب هوعائد إستخدام عنصر العمل ، والفائدة هى عائد إستخدام عنصر رأس المال ، بينما الربح هو عائد إستخدام عنصر التنظيم.
ومع الاستخدام الفعلي لعناصر الإنتاج في العملية الإنتاجية ، فإنه يطلق عليها مصطلح "مدخلات الإنتاج" ، والغرض الأساسي من إستخدام المدخلات الإنتاجية هو الحصول في النهاية على السلع والخدمات التي تستخدم في إشباع الحاجات والرغبات.
ويقصد بالسلع والخدمات "كل منتج يحمل منفعة معروفة لإشباع حاجة أو رغبة" ، إلا أنه يجب التفرقة في المفهوم بين السلعة والخدمة ، فالسلعة Commodity شىء مادي يمكن أن تُعرف بأنها "منتج مادي يحمل خاصية تفي بالغرض من إستخدامه" ، بينما الخدمة Service شىء غير مادي يمكن أن تُعرف بأنها "نشاط فردي كمنتج يمثل أداء وظيفي محدد"
وهناك العديد من التصنيفات للسلع والخدمات ، منها مايلي :
1- سلع وخدمات حرة وسلع وخدمات إقتصادية.
2- سلع وخدمات إستهلاكية وسلع وخدمات إنتاجية.
3- سلع وخدمات ضرورية وسلع وخدمات كمالية.
4- سلع وخدمات متنافسة وسلع وخدمات متكاملة.
5- سلع وخدمات قابلة لإنتقال حيازتها وسلع وخدمات غيرقابلة لإنتقال حيازتها.
بيد أنه من الممكن التولييف من بين هذه التصنيفات لوضع تصنييف أكثر دقة وشمولاً مع تصنيف السلع والخدمات كل منهما على حدة كمايلي :
أولاً : السلع الاقتصادية
1- سلع إستهلاكية.
أ- سلع إستهلاكية فورية.
سلع إستهلاكية فورية ضرورية.
سلع إستهلاكية فورية كمالية.
ب- سلع إستهلاكية مرحلية.
سلع إستهلاكية مرحلية ضرورية.
سلع إستهلاكية مرحلية كمالية.
2- سلع إنتاجية.
أ- سلع إنتاجية وسيطة.
سلع إنتاجية وسيطة خام.
سلع إنتاجية وسيطة نصف مصنعة.
ب- سلع إنتاجية أصلية.
سلع إنتاجية أصلية مباشرة.
سلع إنتاجية أصلية غير مباشرة.
ثانياً : الخدمات الاقتصادية
1- خدمات إستهلاكية.
أ - خدمات إستهلاكية فورية.
خدمات إستهلاكية فورية ضرورية.
خدمات إستهلاكية فورية كمالية.
ب - خدمات إستهلاكية مرحلية.
خدمات إستهلاكية مرحلية ضرورية.
خدمات إستهلاكية مرحلية كمالية.
2- خدمات إنتاجية.
أ- خدمات إنتاجية وسيطة.
ب - خدمات إنتاجية أصلية.
خدمات إنتاجية أصلية مباشرة.
خدمات إنتاجية أصلية غير مباشرة.
3/1/3- التخصيص
يقصد بالتخصيص Specification "إستخدام مدخلات عمليتي الإنتاج والإستهلاك بإسلوب معين للحصول على مخرجات محددة ، بحيث إذا حدث تغيير في حجم أونوعية أو مستوى المدخلات ، أو اسلوب عمليتي الإنتاج أو الإستهلاك ؛ كانت حجم أونوعية أومستوى المخرجات أقل"
ومن هذا التعريف يتضح أن للتخصيص وجهين ، أحدهما خاص بعملية الإستهلاك هو التخصيص الإستهلاكي ، وأخر خاص بعملية الإنتاج هو التخصيص الإنتاجي.
ويعرف التخصيص الإستهلاكي بأنه "عملية إختيارحاجة أو رغبة معينة من بين الحاجات أو الرغبات اللانهائية ، لإشباعها عن طريق إستخدام مورد معين قادرة على إشباع حاجة ورغبة أخرى ، هذا المورد ضمن موارد أخرى قادرة على إشباع تلك الحاجة أو الرغبة نفسها بحيث إذا استخدم هذا المورد في إشباع حاجة أخري ، أو إستخدام مورد أخر في إشباع هذه الحاجة أو الرغبة كان مستوى الإشباع أقل"
أما التخصيص الإنتاجي فهو "عملية إختيار منتج معين للإنتاجه من بين المنتجات المختلفة التي يمكن إنتاجها ، عن طريق إستخدام مورد معين قادرة على إنتاج منتج أخر ، هذا المورد ضمن موارد أخرى قادرة على إنتاج تلك المنتج نفسه ، بحيث إذا استخدم هذا المورد في إنتاج منتج أخر ، أو استخدم مورد أخر في إنتاج هذا المنتج كان مستوى الإنتاج وحجمه أقل"
3/2- أبعاد المشكلة الاقتصادية
3/2/1- الندرة
تُعرف الندرة Scarcity بأنها "المحدودية" أي توفر الشىء على وجة محدد ، وتوصف كبُعد من أبعاد المشكلة الاقتصادية بأنها "ندرة نسبية" ، وذلك نتيجة العلاقة الكمية بين الحاجات والرغبات اللانهائية ، ووسائل إشباعه المتمثلة في الموارد الاقتصادية ، حيث أن حجم الموارد الاقتصادية متوفرة بنسبة أقل من الحاجة إليها ، فالموارد الاقتصادية نادرة بالنسبة إلى الحاجة إليها.
3/2/2- الإختيار
يُعرف الإختيار Selection بأنه "الإنتقاء من متعدد" أي توفر بدائل يمكن لأي بديل منهم أن يكون موضع عملية الإنتقاء ، ويعد الإختيار بُعد من أبعاد المشكلة الاقتصادية من جانبين :
أحدهما ، أن الحاجات والرغبات لانهائية في مقابل أن وسائل إشباعها نادرة ؛ مما يعني إنتفاء إمكانية إشباع دائرة هذه الحاجات والرغبات ، وهذا يستوجب إختيار أي من هذه الحاجات والرغبات ليتم إشباعها.
ثانيهما ، أن وسائل إشباع الحاجات والرغبات ، والمتمثلة في الموارد الاقتصادية تتميز ــ علاوة على أنها نادرة ـ بخاصية أن لها إستعمالات بديلة ، أي أن لكل مورد العديد من الإستخدمات المختلفة ، وهذا يستوجب إختيار إستعمال معين للمورد من بين هذه الإستعمالات العديدة.
3/2/3- التضحية
تُعرف التضحية Sacrifice كبُعد من أبعاد المشكلة الاقتصادية بأنها "نفقة الإختيار" فمادام هناك إختيار من بدائل ، فهذا يعني أن عملية الإختيار لبديل بعينه تستوجب نفقة متمثلة في الإستغناء عن أي من البدائل الأخرى ، هذه النفقة هي التي تحدد ثمن ماتم إختياره.
فإن إختيار حاجة أو رغبة معينة لإشباعها ؛ يعني تحمل التضحية بإشباع الحاجات والرغبات الإخرى (نظراً لندرة الموارد الاقتصادية بالنسبة للحاجات والرغبات اللانهائية) كما أن إستعمال مورد اقتصادي معين في إستخدام محدد ؛ يعني التضحية بالإستخدمات البديلة الأخرى (نظراً لخاصية الإستعمالات البديلة للموارد الاقتصادية).
ظريف توفيق جيد
3/1/1- الحاجات والرغبات
يجب التفرقة بين الحاجة والرغبة ، حيث أن الحاجة Need هى شعور بالحرمان نتيجة حالة من النقص أو الإفتقار الجسمي أو النفسي ، والذي يسبب نوع من التوتر أو الإضطراب النفسي حتى يتم إشباعه بهدف تجنب الألم ، بينما الرغبة Desire هى شعور بالميل نتيجة التفكير أو التذكر مما يسبب نوع من التوتر أو الإضطراب النفسي حتى يتم إشباعه بهدف ألتماس اللذة.
ومن الخصائص الأساسية للحاجة مايلي :
1- قابليتها للإشباع
2- قابليتها للإنقسام
3- قابليتها للقياس
4- قابليتها للتجديد
ومن صفاتها الأساسية مايلي :
1- متعددة
2- متنوعة
3- متنامية
4- غيرمتناهية
3/1/2- الموارد الاقتصادية
يجب عند تحديد مدلول مصطلح الموارد الاقتصادية أن نفرق بين المصطلاحــات التالية : المصدر ، المورد ، العنصر الإنتاجي ، والمدخل الإنتاجي ، حيث أن المصدر Source عبارة عن "مَعين لثروة كامنة لم تُعرف أهميتها أوكيفية إستغلالها بعد" ، في حين أن المورد Resource هو "مصدر معروف لثروة أُكتشفت أهميتها وكيفية إستغلالها فعلاً" ، أما العنصر الإنتاجي Factor of Production فهوعبارة عن "مورد معد للمساهمة في العملية الإنتاجية" بينما المدخل الإنتاجي Input عبارة عن "عنصر إنتاجي مستخدم فعلاً في العملية الإنتاجية".
فالغلاف الجوي مصدر ، حينما أكتشف أنه يحتوي غاز الأكسجين الذي له العديد من الإستخدمات ، ومع التطور العلمي الذي أفرز كيفية إستغلاله ، أضحى غاز الأكسجين مورداً اقتصادياً ، وحينما إستطاع التطور التكنولوجي أن يعبىء هذا الغاز في صورة أنابيب صالحة للإستخدام ، فإنه قد جعل من هذه الأنابيب عنصراً إنتاجياً ، وعند إستخدم هذه الأنابيب في العملية الإنتاجية فإنها تعد فعلاً مدخلاً إنتاجياً.
وعلى نفس القياس ، فإن الإنسان مصدر ، يشكل مجموع السكان بدءاً من الأطفال الرضع حتي الشيوخ المسنين مورداً إقتصادياً ، أما العنصر الإنتاجي فهو ذلك الجزء المعد فعلاً والمتأهب للمساهمة في العملية الإنتاجية كالخرجين المدربين ، أما المدخل الإنتاجي فهو ذلك الجزء الموظف فعلاً في العملية الإنتاجية.
وعليه ، فإن المورد الاقتصادي هو "مصدر معروف لثروة أُكتشفت أهميتها وكيفية إستغلالها فعلاً للمساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في خلق منفعة لم يكن لها وجود سابق أو إضافة لمنفعة قائمة "
وهناك العديد من التقسيمات للموارد الاقتصاديةEconomic Resources ، منها ماهو قائم على معيار التوزيع الجغرافي :
1- موارد لامكانية ، وهى الموجودة في كل الأماكن مثل الغلاف الجوي.
2- موارد مكانية ، وتنقسم الى ثلاث أنواع :
أ- موارد متعددة الأماكن ، وهى الموجودة في العديد من الأماكن مثل الأراضي الزراعية.
ب- موارد محددة المكان ، وهى الموجودة في مكان محددة ، مثل المعادن في باطن الأرض.
ت- موارد وحيدة المكان ، وهى الموجودة في مكان دون غيره مثل النيكل في كندا.
ومن التقسيمات ماهو قائم على معيار التجدد :
1- موارد متجددة ، وهى الموارد القادرة على تجديد نفسها مثل الأشجار والغابات والثروة الحيوانية.
2- موارد ناضبة ، وهى الموارد الموجود بكمية ثابتة لاتتغير مثل البترولوالفحم والغاز الطبيعي.
ومنها هو قائم على معيار طبيعة المورد :
1- موارد مادية ، وهى الموارد التي لها وجود مادي ملموس مثل الموارد الطبيعية والموارد البشرية والموارد المصنعة.
2- موارد غير مادية ، وهى الموارد التي ليس لها وجود مادي ملموس مثل الموقع الجغرافي ومستوى التعليم والصحة والثقافة العامة والسياسة العامة للدولة.
ومنها ماهو قائم على معيار الأصل :
1- موارد طبيعية ، وهى كل ماهو هبة الطبية وليس للإنسان دخل في وجوده ، وهى سطح الأرض من فوق ، ومايحويه باطنها من تحت ، وما يحيط بها من غلاف جوي ، وماتشمله من قوى وعوامل وظواهر طبيعية.
2- موارد بشرية ، وهى كل جهد بشري عضلي كان أو ذهني
3- موارد مصنعة ، وهى كل ماهو منتًج ليستخدم في إنتاج أخر
وهذه التقسيمات متكاملة لتوضيح وتوصييف هذه الموارد ، بالإضافة إلى أنها غير مانعة بالتبادل ، بمعنى أن إستخدام أحدهما لا يتعارض مع إستخدام أخر ، بيد أن التقسيم الأخير يعد هو التقسيم الأساسي وغيرها من تقسيمات مجرد تقسيمات جزئية له.
وإذا تم إعداد وتجهيز الموارد الاقتصادية للمساهمة في العملية الإنتاجية ، فإنه يطلق عليها مصطلح "عناصر أو عوامل الإنتاج" ، وهناك العديد من التصنيفات لعناصر الإنتاج منها ماهو قائم على معيار أصلي :
1- عنصر الأرض ، وهو نتيجة إعداد وتجهيز مورد طبيعي
2- عنصر العمل ، وهو نتيجة إعداد وتجهيز مورد بشري
ومن هذه التقسيمات ماهو قائم على معيار مصدري :
1- عنصر الأرض
2- عنصر العمل
3- عنصر رأس المال ، وهو نتيجة إعداد وتجهيز مورد مُصنع
ومنها ماهو قائم على معيار وظيفي :
1- عنصر الأرض
2- عنصر العمل
3- عنصر رأس المال
4- عنصر التنظيم ، وهو القائم بعملية التوليف بين العناصر الإنتاجية الأخرى
بيد أن التقسيم القائم على معيار مصدر العنصر يعد من أدق التقسيمات ، كونه يرد العنصر إلى مصدره الأساسي ، إلا أن التقسيم الأخير القائم على المعيار الوظيفي يعد أكثر هذه التقسيمات إنتشاراً ، نظراً لكونه يتوافق مع نظرية التوزيع التي تفسر الكيفية التي يوزع بها الدخل ، حيث أن الدخل أو العائد هو مصطلح جامع لأربعة مصطلحات جزئية يمكن تصنيفها حسب مصدر توليد الدخل ، حيث أن الريع أو الإيجار هو عائد إستخدام عنصر الأرض ، أما الأجر أو المرتب هوعائد إستخدام عنصر العمل ، والفائدة هى عائد إستخدام عنصر رأس المال ، بينما الربح هو عائد إستخدام عنصر التنظيم.
ومع الاستخدام الفعلي لعناصر الإنتاج في العملية الإنتاجية ، فإنه يطلق عليها مصطلح "مدخلات الإنتاج" ، والغرض الأساسي من إستخدام المدخلات الإنتاجية هو الحصول في النهاية على السلع والخدمات التي تستخدم في إشباع الحاجات والرغبات.
ويقصد بالسلع والخدمات "كل منتج يحمل منفعة معروفة لإشباع حاجة أو رغبة" ، إلا أنه يجب التفرقة في المفهوم بين السلعة والخدمة ، فالسلعة Commodity شىء مادي يمكن أن تُعرف بأنها "منتج مادي يحمل خاصية تفي بالغرض من إستخدامه" ، بينما الخدمة Service شىء غير مادي يمكن أن تُعرف بأنها "نشاط فردي كمنتج يمثل أداء وظيفي محدد"
وهناك العديد من التصنيفات للسلع والخدمات ، منها مايلي :
1- سلع وخدمات حرة وسلع وخدمات إقتصادية.
2- سلع وخدمات إستهلاكية وسلع وخدمات إنتاجية.
3- سلع وخدمات ضرورية وسلع وخدمات كمالية.
4- سلع وخدمات متنافسة وسلع وخدمات متكاملة.
5- سلع وخدمات قابلة لإنتقال حيازتها وسلع وخدمات غيرقابلة لإنتقال حيازتها.
بيد أنه من الممكن التولييف من بين هذه التصنيفات لوضع تصنييف أكثر دقة وشمولاً مع تصنيف السلع والخدمات كل منهما على حدة كمايلي :
أولاً : السلع الاقتصادية
1- سلع إستهلاكية.
أ- سلع إستهلاكية فورية.
سلع إستهلاكية فورية ضرورية.
سلع إستهلاكية فورية كمالية.
ب- سلع إستهلاكية مرحلية.
سلع إستهلاكية مرحلية ضرورية.
سلع إستهلاكية مرحلية كمالية.
2- سلع إنتاجية.
أ- سلع إنتاجية وسيطة.
سلع إنتاجية وسيطة خام.
سلع إنتاجية وسيطة نصف مصنعة.
ب- سلع إنتاجية أصلية.
سلع إنتاجية أصلية مباشرة.
سلع إنتاجية أصلية غير مباشرة.
ثانياً : الخدمات الاقتصادية
1- خدمات إستهلاكية.
أ - خدمات إستهلاكية فورية.
خدمات إستهلاكية فورية ضرورية.
خدمات إستهلاكية فورية كمالية.
ب - خدمات إستهلاكية مرحلية.
خدمات إستهلاكية مرحلية ضرورية.
خدمات إستهلاكية مرحلية كمالية.
2- خدمات إنتاجية.
أ- خدمات إنتاجية وسيطة.
ب - خدمات إنتاجية أصلية.
خدمات إنتاجية أصلية مباشرة.
خدمات إنتاجية أصلية غير مباشرة.
3/1/3- التخصيص
يقصد بالتخصيص Specification "إستخدام مدخلات عمليتي الإنتاج والإستهلاك بإسلوب معين للحصول على مخرجات محددة ، بحيث إذا حدث تغيير في حجم أونوعية أو مستوى المدخلات ، أو اسلوب عمليتي الإنتاج أو الإستهلاك ؛ كانت حجم أونوعية أومستوى المخرجات أقل"
ومن هذا التعريف يتضح أن للتخصيص وجهين ، أحدهما خاص بعملية الإستهلاك هو التخصيص الإستهلاكي ، وأخر خاص بعملية الإنتاج هو التخصيص الإنتاجي.
ويعرف التخصيص الإستهلاكي بأنه "عملية إختيارحاجة أو رغبة معينة من بين الحاجات أو الرغبات اللانهائية ، لإشباعها عن طريق إستخدام مورد معين قادرة على إشباع حاجة ورغبة أخرى ، هذا المورد ضمن موارد أخرى قادرة على إشباع تلك الحاجة أو الرغبة نفسها بحيث إذا استخدم هذا المورد في إشباع حاجة أخري ، أو إستخدام مورد أخر في إشباع هذه الحاجة أو الرغبة كان مستوى الإشباع أقل"
أما التخصيص الإنتاجي فهو "عملية إختيار منتج معين للإنتاجه من بين المنتجات المختلفة التي يمكن إنتاجها ، عن طريق إستخدام مورد معين قادرة على إنتاج منتج أخر ، هذا المورد ضمن موارد أخرى قادرة على إنتاج تلك المنتج نفسه ، بحيث إذا استخدم هذا المورد في إنتاج منتج أخر ، أو استخدم مورد أخر في إنتاج هذا المنتج كان مستوى الإنتاج وحجمه أقل"
3/2- أبعاد المشكلة الاقتصادية
3/2/1- الندرة
تُعرف الندرة Scarcity بأنها "المحدودية" أي توفر الشىء على وجة محدد ، وتوصف كبُعد من أبعاد المشكلة الاقتصادية بأنها "ندرة نسبية" ، وذلك نتيجة العلاقة الكمية بين الحاجات والرغبات اللانهائية ، ووسائل إشباعه المتمثلة في الموارد الاقتصادية ، حيث أن حجم الموارد الاقتصادية متوفرة بنسبة أقل من الحاجة إليها ، فالموارد الاقتصادية نادرة بالنسبة إلى الحاجة إليها.
3/2/2- الإختيار
يُعرف الإختيار Selection بأنه "الإنتقاء من متعدد" أي توفر بدائل يمكن لأي بديل منهم أن يكون موضع عملية الإنتقاء ، ويعد الإختيار بُعد من أبعاد المشكلة الاقتصادية من جانبين :
أحدهما ، أن الحاجات والرغبات لانهائية في مقابل أن وسائل إشباعها نادرة ؛ مما يعني إنتفاء إمكانية إشباع دائرة هذه الحاجات والرغبات ، وهذا يستوجب إختيار أي من هذه الحاجات والرغبات ليتم إشباعها.
ثانيهما ، أن وسائل إشباع الحاجات والرغبات ، والمتمثلة في الموارد الاقتصادية تتميز ــ علاوة على أنها نادرة ـ بخاصية أن لها إستعمالات بديلة ، أي أن لكل مورد العديد من الإستخدمات المختلفة ، وهذا يستوجب إختيار إستعمال معين للمورد من بين هذه الإستعمالات العديدة.
3/2/3- التضحية
تُعرف التضحية Sacrifice كبُعد من أبعاد المشكلة الاقتصادية بأنها "نفقة الإختيار" فمادام هناك إختيار من بدائل ، فهذا يعني أن عملية الإختيار لبديل بعينه تستوجب نفقة متمثلة في الإستغناء عن أي من البدائل الأخرى ، هذه النفقة هي التي تحدد ثمن ماتم إختياره.
فإن إختيار حاجة أو رغبة معينة لإشباعها ؛ يعني تحمل التضحية بإشباع الحاجات والرغبات الإخرى (نظراً لندرة الموارد الاقتصادية بالنسبة للحاجات والرغبات اللانهائية) كما أن إستعمال مورد اقتصادي معين في إستخدام محدد ؛ يعني التضحية بالإستخدمات البديلة الأخرى (نظراً لخاصية الإستعمالات البديلة للموارد الاقتصادية).
ظريف توفيق جيد
مقدمة في النظم الاقتصادية
يقصد بالنظام الاقتصادي "نسق من العلاقات الانتاجية والتنظيمية القائمة بين مؤسسات المجتمع المختلفة في إطار بيئة مجتمعية معينة ، لتحقيق الأهداف الجزئية والكلية للنشاط الاقتصادي"
فالنظام الاقتصادي هو الطريقة أو الآلية التي يتبعها المجتمع في علاج مشكلته الاقتصادية أي الإجابة على الأسئلة التالية :
1- ماذا ينتج وكميته ونوعة
2- بأي الأساليب والطرق الإنتاجية
3- كيفية توزيع هذا الناتج علة المساهمين فيه
4- كيفية تحقيق الكفاءة في عمليى الإنتاج والتوزيع
5- كيفية تحقيق التشغيل الكامل
6- كيفية تحقيق النمو للطاقة الانتاجية
فطريقة الإجابة على هذه الأسئلة هي التي تحدد ماهية وطبيعة النظام الاقتصادي ، بيد أن هذه الأنظمة تشترك في هدف واحد وهو إستخدام الموارد أحسن استخدام ممكن لإشباع حاجات أفراد المجتمع بأقصى إشباع ممكن في مرحلة معينة
وتتفق جميع النظم الاقتصادية في الهدف ، ولكن تختلف عن بعضها البعض في الكيفية والوسائل التي تتبعها للوصول إلى ذلك الهدف ، وبقاء أي نظام اقتصادي أو تغيره يتوقف على قدرته على التعامل مع المشكلة الاقتصادية بكفاءة وفاعلية.
وقد عرفت البشرية العديد من النظم الاقتصادية التي من أشهرها مايلي:
7/1- النظام البدائي Primitive System
يعد النظام البدائي أول نظام إقتصادي إجتماعي عرفته البشرية منذ عدة آلاف من السنين وكان مشتركا بين كل الشعوب في المرحلة الأولى من تطورها. وكانت علاقات الانتاج في هذا النظام نتاج مستوى منخفض من تطور القوى الإنتاجية ، والحالة البدائية لأدوات العمل والتقسيم الطبيعي للعمل حسب الجنس والسن. وكان أساس علاقات الانتاج الملكية المشتركة لوسائل الانتاج (أدوات العمل ، والأرض ، والمساكن ، والأدوات الزراعية ،…الخ ).
وفي إطار الملكية المشتركة كانت هناك أيضا ملكية خاصة للأسلحة والملابس والأواني المنزلية ،…الخ وكان الانتاج في النظام المشاعي البدائي يتم جماعيا بواسطة العشائر ، وكان الناتج يقسم إلى أجزاء متساوية ويستهلك جماعيا. ولم يكن البدائيون يستطيعون بغير العمل معا أن يؤمنوا وسائل معيشتهم وأن يحموا أنفسهم من هجمات الحيوانات المفترسة والجماعات المجاورة. وعلى أساس أول تقسيم للعمل – أي الفصل بين تربية الماشية والزراعة – بدأت القوى الإنتاجية للنظام المشاعي البدائي تتطور بسرعة أكبر كثيراً
ومع تطورها نشأ وتطور التبادل والملكية الخاصة والتفاوت الإقتصادي بين الأفراد أعضاء الجماعة وأدى العمل العبودي إلى مزيد من التفاوت الإقتصادي وكان مسؤولا عن تفكك الجماعة البدائية وبدأ الانتاج الجماعي والتوزيع المتساوي للناتج يقيد القوى الانتاجية وفي المرحلة العليا من تطور النظام المشاعي البدائي تم تقسيم كبير للعمل : هو الفصل بين الحرف والزراعة ، وسهّل هذا حدوث انهيار أكبر في النظام المشاعي البدائي ، وكانت النتيجة ظهور الفقراء والأغنياء والاستغلال والطبقات والدولة وحلت محل النظام المشاعي البدائي المجتمعات الطبقية ، مثل النظام العبودي الرقي والاقطاع.
وقد مر هذا النظام المشاعي البدائي بمرحلتين رئيسيتين هما مرحلة النظام الأمومي تالتها مرحلة النظام الأبوي
7/1/1- النظام الأمومي Matriarchy System
مرحلة تاريخية في تطور المجتمع البدائي حيث كانت الأم تمثل الدور المسيطر في الاقتصاد الاجتماعي. وقد وُجد النظام الأمومي بين جميع الشعوب بلا استثناء. فخلال المراحل الدنيا من التطور الاجتماعي عندما كان الزواج الجماعي هو القاعدة، لم يكن معروفا من هو أبو الأطفال. فكانت الأم وحدها معروفة. ولهذا لم يكن من الممكن أن ينسب النسل إلا إلى جانب الأم وكان الاعتراف فقط بالصلة الأنثوية. وكان الاقتصاد القبلي كله في أيدي النساء. فلم يكن الصيد – وهو حرفة الرجال – يوفر وسيلة للعيش يعول عليها. وفي البداية كانت النساء عموما هن اللاتي يقمن بالعمل الزراعي المنتج. وكانت رعاية الأطفال والبيت وتوفير الزاد والعمل في الحقل والطهي، الخ، من وظائف النساء. ومع ظهور تربية الماشية بدأ دور المرأة في الهبوط. وأصبح الرجل القوة المنتجة الرئيسية في المجتمع، ومالك وسائل الانتاج والماشية وبعد ذلك مالك العبيد ومن ثم أصبح رأس الجماعة.
7/1/2- النظام الأبويPatriarchy System
مستوى تاريخي في تطور النظام البدائي في مرحلة تفككه ، وقد نشأ النظام الأبوي بعد النظام الأمومي. وكانت السمة النوعية المميزة له سيطرة الرجل في الاقتصاد وفي كل طريقة الحياة في مجتمع العشيرة. ونشأ النظام الأبوي في الفترة التي أدى فيها أول تقسيم إجتماعي للعمل على نطاق واسع – أي فصل الرعي عن الزراعة – إلى التطور السريع نسبيا للقوى الانتاجية والتبادل المنظم والملكية الخاصة والعبودية.
ومع تطور الرعي والزراعة بدأ الناس تدريجيا في ممارسة ملكية الماشية والعبيد، الذين كانوا يتسلمونهم مقابل الماشية. وفي ظل النظام الأبوي حل الزواج الثنائي محل الزواج الجماعي (أو زواج الزمرة) وصار الزوج يعترف به كأب للأطفال، والزوجة والأطفال ينتمون إليه بحق الملكية. كانت العائلة الأبوية – التي يصل عددها إلى مائة شخص أو أكثر – وحدة إقتصادية فوق كل شيء. وقد أدى المزيد من تطور القوى الانتاجية والملكية الخاصة والتبادل إلى انقسام العائلة الأبوية إلى عائلات صغيرة تقوم على الزواج الواحدي.
7/2 -النظام الإستعبادي Bondage System
إذا كان النظام المشاعي البدائي هو أول نظام إقتصادي إجتماعي عرفته البشرية منذ عدة آلاف من السنين ، فإن النظام القائم على العبيد هو أول مجتمع طبقي متطاحن نشأ على أنقاض النظام البدائي.
وقد وُجدت العبودية بدرجة أو بأخرى في جميع البلدان ، وبلغ هذا النظام أعلى أشكال تطوره في اليونان القديمة وروما القديمة حيث كان العبيد قد أصبحوا القوة الإنتاجية الرئيسية للمجتمع ، وكان ملاك العبيد في النظام العبودي يشكلون الطبقة الحاكمة ، وكانت تنقسم إلى عدة مجموعات مختلفة : الطبقة الرئيسية الأولى مكونة من كبار ملاك الأراضي ، وملاك الورش الكبيرة والتجار ، والمرابين وكانت الطبقة الرئيسية الثانية تتكون من العبيد العديدين المستغَلين وإلى جانب هاتين الطبقتين الرئيسيتين في النظام العبودي كانت توجد المراتب الوسطى من السكان : صغار الملاك الذين يعيشون بعملهم الخاص (الحرفيون والفلاحون) والبروليتاريا المنهكة ، المؤلفة من الحرفيين والفلاحين المحطمين.
وكانت الملكية الخاصة لوسائل الانتاج والعبيد من قبل ملاك العبيد تشكل أساس علاقات الإنتاج السائدة في النظام العبودي . وقد وصل استغلال العبيد – القائم على القهر الاقتصادي الزائد – إلى حدود بشعة . وأظهر العبيد – لمواجهة هذا الاستغلال والقهر – إنخفاظا في إنتاجية العمل وحطموا أدوات الانتاج ، وكان فائض الانتاج الذي يخلقه كل عبد فائضا عديم القيمة ولكن الفائض الاجمالي للانتاج – نظراً للعدد الضخم من العبيد المستغَلين والرخص الشديد لعملهم – كان كبيرا نسبيا.
وعلى هذا الأساس أصبح من الممكن حدوث بعض التقدم الاجتماعي والتقني وتطور العلم والفنون والفلسفة وقد ظهرت الدولة وتطورت مع ظهور النظام العبودي . وتاريخ العبودية كله هو تاريخ الصراع الطبقي ، فإن الصراع الطبقي يبلغ أعلى نقطة له مع انهيار النظام العبودي وتتداخل إنتفاضات العبيد مع صراع الفلاحين الصغار المحطمين ضد كبار ملاك الأراضي وقد عجل الغزو بانهيار النظام الإستعبادي في روما ، وقد حل الإستغلال الإقطاعي محل شكل الإستغلال القائم على إمتلاك العبيد ولم يختف أسلوب الانتاج القائم على إمتلاك العبيد إختفاء تاما بانهيار النظام العبودي ، وإنما استمر في الوجود بدرجة أو بأخرى في فترة الإقطاع والرأسمالية.
7/3- النظام الإقطاعي Feudal System
إن النظام الاجتماعي الذي هيمن على الحياة الأوروبية طيلة القرون الوسطى هو نظام 'الإقطاع' ، وربما كان أبشع وأظلم النظم الاجتماعية في التاريخ . ويرجع النظام الإقطاعي إلى عهد الرومان ، إلا أنه تبلور في صورته التي عرفته أوروبا في القرن التاسع ، وبلغ ذروته في أوروبا أبان القرون الوسطى ، وتحديدًا في القرن الثالث عشر.
وقد بدأ النظام الإقطاعي باقتطاع الملوك والأمراء مساحات من الأراضي إلى من يدينون لهم بالولاء ، وذلك مدى حياتهم ، ثم أصبح ذلك أمرًا وراثيًا ، فأمير الإقطاعية هو الحاكم المطلق في إقطاعيته ، هو المالك لكل شيء والباقون عبيد ، لا يملكون حق الانتقال من إقطاعية إلى إقطاعية ، ولم يكن مساوئ النظام الإقطاعي في الجانب المالي فحسب ، بل كان للإقطاعي سلطات أخرى حصل عليها والمتمثلة في القائمة الطويلة من الواجبات التالية التي يؤديها الرقيق للمالك :
1- ثلاث ضرائب نقدية في العام.
2- جزء من محصوله وماشيته.
3- العمل سخرة كثيراً من أيام السنة.
4- أجر على استعمال أدوات المالك في طعامه وشرابه.
5- أجر للسماح بصيد السمك أو الحيوان البري.
6- رسم إذا رفع قضية أمام محاكم المالك.
7- ينضم إلى فيلق المالك إذا نشبت حرب.
8- يفتدي سيده إذا أسر.
9- يقدم الهدايا لابن المالك إذا رقي لمرتبة الفرسان.
10- ضريبة على كل سلعة يبيعها في السوق.
11- لا يبيع سلعة إلا بعد بيع سلعة المالك نفسها بأسبوعين.
12- يشتري بعض بضائع سيده وجوباً.
13- غرامة إذا أرسل ابنه ليتعلم أو وهبه للكنيسة.
14- ضريبة مع أذن المالك إذا تزوج هو أو أحد أبنائه من خارج الضيعة.
15- حق الليلة الأولى! وهي أن يقضي السيد مع عروس رقيقه الليلة الأولى، وكان يسمح له أحياناً أن يفتديها بأجر ، وقد بقي بصورته هذه في بافاريا ( وهي أكبر مقاطعة في ألمانيا الغربية ، عاصمتها مونشن ) إلى القرن الثامن عشر.
16- وراثة تركته بعد موته.
17- ضريبة سنوية للكنيسة ، وضريبة تركات للقائد الذي يدافع عن المقاطعة.
وقد أدى النظام الإقطاعي إلى تحول أغلب أوروبا إلى مجتمعات ريفية فقيرة، واندثرت المدنية في الكثير من الأقطار الأوروبية، كما انحصر المجتمع إلى عدة طبقات:
1- السيد المالك : هو المسيطر الفعلي وصاحب النفوذ القوي في هذا النظام، وقد كان يملك حقوقاً لا حصر لها في حين ليس عليه أي واجبات حيث [ كان من حقه أن يضرب رقيق أرضه أو يقتله في بعض الأماكن أو الأحوال دون أن يخشى عقاباً، وكانت له في أملاكه كل السلطات القضائية والعسكرية، وكان يستفيد فوق ما يجب من الغرامات التي تفرضها محاكم الضيعة... وكان في وسع السيد الإقطاعي أن يمتلك أكثر من ضيعة واحدة... وقد يكون له قصر حصين في كل واحدة منها، وكان قصره يهدف إلى حماية سكانه أكثر مما يهدف إلى راحتهم... يحيط به خندق عميق عريض وسور متصل عال وأبواب حديدية؛ وفي وسطه برج حجري دائري يسكن فيه السيد وأسرته، وكانت جدرانه الحجرية المنيعة عماد قوة الملاك ضد مستأجريهم وضد الملك.
وكان الرجل الذي يمنعه كبرياؤه من أن يكون رقيق أرض، ولكنه أضعف من أن يعد لنفسه وسائل الدفاع العسكرية، يؤدي مراسم الولاء لشريف إقطاعي، يركع أمامه وهو أعزل عاري الرأس، ويضع يديه في يدي الشريف، ويعلن أنه رجل ذلك الشريف، ثم يقسم على بعض المخلفات المقدسة... أن يظل وفياً للسيد إلى آخر أيام حياته، ثم يرفعه السيد ويقبل
2- رجل الدين: كان رجل الدين بسلطته الروحية سيداً إقطاعياً إلى حد ما ، وكان يملك الإقطاعيات ، ويتحلى بالألقاب الإقطاعية ، ويورث مرتبته لذريته
3- العبد ورقيق الأرض: لم يكن رقيق الأرض عبداً بمعنى الكلمة ، لكن حاله لا يختلف عن العبد في شيء ، والفارق بينهما أن العبد - في الأصل- إما أسير مغلوب وإما مخالف للسيد في الدين أو الجنس أو المذهب ، بعكس الرقيق الذي هو أصيل في الإقطاعية ، وينتمي إلى الدين والجنس اللذين ينتمي إليهما سيده.
والأصل في رقيق الأرض أنه رجل يفلح مساحة من الأرض يمتلكها سيد أو بارون ، وكان في وسع المالك أن يطرده متى شاء، وكان من حقه في فرنسا أن يبيع الرقيق مستقلاً عن الأرض، أما في إنجلترا فقد حرم من مغادرة الأرض، وكان الذين يفرون من أرقاء الأرض يعاد القبض عليهم بنفس الصرامة التي يعاد بها القبض على العبيد، وهذا الصنف هو الصنف الغالب في الإقطاعيات، بل هو في الحقيقة يمثل مجموع سكان أوروبا تقريباً باستثناء النبلاء ورجال الدين.
7/4- النظام الفردي الخاص Private Individual System
يعد قيام الثورة الصناعية الأولى ــ ثورة الميكنة ــ أحد الأسباب الرئيسية لإنهيار النظام الإقطاعي والإنتقال إلى النظام الفردي الخاص الذي مر بمرحلتين أساسيتين هما النظام الرأسمالي الحر كمرحلة أولى ، تالتها مرحلة النظام الرأسمالي التأشيري.
وتعني ثورة الميكنة أو الثورة الصناعية الأولى إنتشار وإحلال العمل بواسطة المكينة محل العمل اليدوي ، وقد كانت الانطلاقة الفعلية لهذه الثورة مع اختراع الآلة البخارية في بريطانيا على يد جيمس واط سنة 1769 ، وهـو عامل بجامعة كلاسكو الإنجليزية ، ثم إنتشر إستعمال الآلة البخارية خارج بريطانيا العظمى ليشمل كل من فرنسا وألمانيا فباقي دول العالم.
ويرد قيام الثورة الصناعية الأولى إلى عدد من العوامل والظروف الاقتصادية التي هيأت المجتمع للتحول من مجتمع أساسه الاقتصادي قائم على الإنتاج الزراعي إلى مجتمع أساسه الاقتصادي قائم على الإنتاج الصناعي ، ويمكن تحديد هذه العوامل والظروف الاقتصادية فيمايلي:
1- تطبيق الإختراعات والإكتشافات الحديثة في مجال الإنتاج
2- توافر التمويل اللازم لعملية التصنيع
3- توافر مصادر الطاقة والمواد الاولية الرخيصة
4- حرية العمل وعدم تدخل الحكومة في تنظيم الصناعة
5- الزيادة السكانية
6- إتساع حجم التجارة الأوربية الداخلية والخارجية
7- تحسين وسائل المواصلات
وقد ترتب على قيام ثورة الميكنة العديد من النتائج التي أدت إلى حدوث تغييراً نوعياً في جوانب المجتمع المختلفة من إجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية في الدول التي قامت فيها هذه الثورة ، ومن بين هذه النتائج مايلي:
1- تغير وسائل الصناعة وإنتاجها
2- تغير التنظيم الصناعي
3- تقدم المدينة وتركز السكان في المدن
4- تطور الإنتاج الزراعي
5- إزدياد نفوز طبقة رجال الأعمال والمؤسسات المالية
6- زيادة الثروة القومية
7- إرتفاع مستوى المعيشة
ومع إرساء قواعد الإنتاج الصناعي كأساس اقتصادي للمجتمع نتيجة ثورة الميكنة برز النظام الفردي الخاص كنظام اقتصادي يلي النظام الاقطاعي ، وقد مر النظام الفردي الخاص خلال تاريخه بمرحلتين أساسيتين ، أولهما النظام الرأسمالي الحر ، وثانيهما النظام الرأسمالي التأشيري
7/4/1- النظام الرأسمالي الحر Liberal Capital System
النظام الرأسمالي الحر هو النظام الذي يقوم على الملكية الفردية لعناصر الإنتاج والحرية الاقتصادية للأفراد في إدارة وتيسير وممارسة النشاط الاقتصادي والتنافس فيما بينهم بهدف تحقيق المكسب المادي ، ويتمتع النظام الرأسمالي إلى هذه اللحظة بقدرته على التجدد والاستمرار وقابليته للإصلاح ؛ الأمر الذي جعل أغلب دول العالم اليوم تتوجه نحو الاتجاه الرأسمالي.
7/4/1/1- خصائص النظام الرأسمالي الحر
1- الملكية الفردية : حيث يقوم النظام الرأسمالي على ملكية الأفراد لعناصر الإنتاج ، ويعترف القانون بهذه الملكية ويحميها ، فالمالك له مطلق الحرية في التصرف فيما يملك بالبيع وخلافه ، وله الحق في استغلاله في أي مجال طالما لا يتعارض مع القانون فيمكن أن يوظف أمواله وما لديه في النشاط الزراعي أو الصناعي أو يتركه عاطلاً ، فهو له مطلق الحرية فيما يملك ، ومن أهم الوظائف التي يؤديها حق الملكية الخاص لعناصر الإنتاج أنه يوفر الباعث على الادخار ، فمن يملك يستهلك جزءًا مما يملكه ويدخر الباقي ، وبذلك يكون هناك مدخرات لأغراض الاستثمار وزيادة الدخل ، فبدون الباعث على الادخار الذي يتيحه نظام الملكية الفردية لا تتوافر الأموال التي توجّه إلى الاستثمار.
وبالطبع فهذه الحرية الاقتصادية المتاحة للأفراد ليست حرية مطلقة تمامًا ، بل في داخل الإطار القانوني والاجتماعي للمجتمع ، فهناك أنشطة غير مشروعة تمارس بما يعرف بالاقتصاد الخفي مثل بيع المخدرات مثلاً ، فالحرية الاقتصادية في النظام الرأسمالي مكفولة لكل الأنشطة المشروعة فقط.
2- حافز الربح: يعد حافز الربح في النظام الرأسمالي هو الدافع الأساسي لزيادة الإنتاج وهو المحرك الرئيس لأي قرار يتخذه المنتجون ، فكل فرد في هذا النظام إنما يتصرف بما تمليه عليه مصلحته الشخصية بما يتفق مع تحقيق أهدافه الخاصة ، وبما أن الربح هو الفرق بين الإيرادات والتكاليف ، فإن المنتجين في النظام الرأسمالي يختارون النشاط الاقتصادي الملائم لاستغلال الموارد بأفضل طريقة ممكنة ، وحين يحدث ذلك في جميع الأنشطة الاقتصادية فإن كل الموارد الاقتصادية تكون قد استخدمت ونظمت بحيث تعطي أقصى أرباح ممكنة ، وبالتالي يحصل المجتمع على أقصى دخل ممكن من موارده.
وهذا الربح في النظام الرأسمالي يسمى عائد المخاطرة؛ لأن الشخص صاحب المشروع يخاطر ويغامر ؛ فقد يربح أو يخسر . هذا ، وقد أشار آدم سميث إلى وجود يد خفية توقف بين المصلحة الخاصة للفرد وبين المصلحة العامة للمجتمع ، فالفرد الذي يسعى لتحقيق أقصى ربح ممكن إنما يقوم بإنتاج السلع التي يزداد الطلب عليها ، وبذلك فهو يلبي حاجة المجتمع لهذه السلعة ، كما أنه يحقق المزيد من الأرباح ، وهكذا نجد أن الربح في النظام الرأسمالي ليس مجرد عائد يحصل عليه المنظمون فحسب ، ولكنه يعتبر أيضًا أحد العناصر الأساسية المسيرة للنظام الاقتصادي وتعمل دائمًا على تنميته ؛ حيث إن مزيدًا من الأرباح يعني في النهاية مزيدًا من الإنتاج.
3- سيادة المستهلك: لما كان المنتج يسعى إلى تحقيق أقصى ربح، فإن رغبات المستهلكين هي التي تحدد مجالات الإنتاج التي فيها ربح أكبر ، ولذلك حين تزداد رغبات المستهلكين في منتج معين يزداد طلبهم عليها ، وبالتالي يتّجه المنتجون إلى إنتاج هذا المنتج ليربحوا أكثر إذن فرغبات المستهلكين الزائدة هي التي تقرّر ما ينتجه المنتجون ، هذا ما يعرف بسيادة المستهلك ، إن كمية إنتاج سلعة معينة تتحدد حسب درجة رغبة المستهلك فيها.
4- المنافسة: وهي من أهم خصائص النظام الرأسمالي ، حيث تعتبر من العوامل التي تعمل على زيادة الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية، فالمنتجون يتنافسون فيما بينهم لاجتذاب أكبر عدد من المستهلكين ، والنتيجة هي اتجاه الأسعار للانخفاض وخروج المنتجين ذوي الكفاءة المنخفضة ولا يتبقى في السوق إلا الأكفاء ، ومن ثمّ يؤدي ذلك إلى الاستخدام الأفضل للموارد ومن ثم التخصيص الكفء للموارد.
ومن ناحية أخرى توجد المنافسة على مستوى المستهلكين الذين يتنافسون فيما بينهم للحصول على السلع والخدمات التي يحتاجونها ؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ، بحيث يخرج المستهلكون الذين لا تمثل لهم السلع ضرورة قصوى ، أو الذين لا تتناسب المنفعة التي يحصلون عليها من السلعة مع ثمن السلعة ، ولا يتبقى في السوق إلا الذين تكون حاجتهم للسلعة أكبر.
وهكذا يؤدي التنافس بين المنتجين فيما بينهم وبين المستهلكين فيما بينهم إلى الاستغلال الكفء للموارد الاقتصادية؛ حيث إن توفر خاصية المنافسة يؤدي إلى توفير السلع بأحسن جودة وأفضل الأسعار.
5- جهاز الثمن : توجد رغبات للمستهلكين في سلع معينة, هذه الرغبات تسمى بقوى الطلب, وتوجد رغبات للمنتجين في عرض منتجاتهم وبيعها لتحقيق أنظم ربح ممكن, ويسمى ذلك بقوى العرض، فنتيجة للتفاعل بين قوى الطلب وقوى العرض تتحدد الأسعار وتتجدد كمية كل منتج في السوق.
مثال ذلك: إذا ارتفع طلب المستهلكين على شراء المياه المعدنية حتى صار طلبهم عليها أكبر من الكمية الموجودة في السوق سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المياه المعدنية, وبالتالي سيتجه المنتجون إلى إنتاج مياه معدنية أكثر لتحقيق ربح أكبر ، وبالتالي سيزيد إنتاج المياه المعدنية بالفعل والعكس إذا قلّ طلب المستهلكين على الدجاج سيقل سعر الدجاج ، وبالتالي سيقل عدد المنتجين للدجاج. هذا التفاعل بين قوى العرض والطلب وما يؤدي إليه من تحديد ثمن للأسعار والكمية المنتجة للسلع ، هذا ما يعرف بجهاز الثمن.
7/4/1/2-كيفيه مواجهه المشكلة الاقتصادية في ظل هذا النظام
يعتمد النظام الرأسمالي الحرعلي جهاز الثمن حيث بناء عليه تتخذ مجموعه من القرارات اللازمة لمواجهه مشكله الندرة النسبية للموارد وذلك علي النحو التالي:
1- قرارات تحديد الأهداف وتخصيص الموارد: يعكس جهاز الثمن طلب المستهلكين علي مستويات الأسعار في السوق وبذلك يكون جهاز الثمن بمثابة المرأه التي تنقل رغبات المستهلكين إلي المنتجين وتدفعهم إلي اتخاذ قرارات الإنتاج استجابة لهذه الرغبات إذا زادت رغبة الأفراد لسلعة ما زاد طلبهم عليها مما يرفع سعرها في السوق وبالتالي تزداد فرص الربح للقائمين للإنتاج وهكذا يتولى جهاز الثمن التوفيق بين رغبات المستهلكين في تحقيق أقصى إشباع ورغبات المنتجين في تحقيق أقصى ربح من خلال عمله كجهاز إرسال واستقبال.
2- قرارات اختيار أسلوب الإنتاج : حيث تتحدد طريقة الإنتاج في ظل الأسعار النسبية للعناصر الإنتاجية والتي تعكس بدورها الوفرة النسبية فيسعى المنتج إلى اختيار توليفة العناصر التي تحقق أقصى ربح له أي أن جهاز الثمن يتولى من خلال التغيرات النسبية في أسعار عوامل الإنتاج تحديد أساليب الإنتاج واجبة الأتباع.
3- قرارات توزيع الناتج : كذلك يقوم جهاز الثمن بتوزيع الناتج بين العناصر المشتركة في العملية الإنتاجية حيث يحصل كل عنصر على عائد بحسب درجة وفرته النسبية أي حسب ظروف الطلب والعرض في السوق.
4- قرارات التشغيل الكامل : كذلك تؤدى التغيرات النسبية في أسعار عوامل الإنتاج إلى حدوث اتجاه تلقائي نحو التشغيل الكامل لذلك نجد أن جهاز الثمن يضمن الاستخدام الكامل لموارد المجتمع.
5- قرارات النمو الاقتصادي : يتوقف النمو الاقتصادي علي قرارات الأفراد الخاصة بالاستهلاك والادخار والاستثمار وهذه تتأثر بدورها بمستويات الأسعار فارتفاع دخول الأفراد نتيجة ارتفاع أسعار خدماتهم في السوق يؤدي إلي زيادة قدرتهم الادخارية كما أن انخفاض أسعار تكلفه راس المال بالمقارنة بالعائد المتوقع منه يدفع إلي المزيد من الاستثمار وهكذا تتوقف ديناميكية النمو في الاقتصاد القومي علي التغيرات التي تنتاب قوي السوق.
6- قرارات الكفاءة في استخدام الموارد : يتم توظيف الموارد الاقتصادية علي أساس المقارنة بين تكلفتها والعائد المتوقع منها أي أن جهاز الثمن يحقق الكفاءة الاقتصادية في استخدام الموارد المتاحة أي انه كلما زادت قدره عناصر الإنتاج علي التحرك والانتقال من مجال لأخر ارتفعت كفاءة جهاز الثمن في توجيه الموارد بين الاستخدامات المختلفة.
7/4/1/3-عيوب النظام الرأسمالي:
عندما طُبق النظام الرأسمالي في الواقع ؛ أسفر عن بعض العيوب وذلك نتيجة لصعوبة توفر الشروط اللازمة لنظام رأسمالي مثالي ، بمعنى أنه حتى يتحقق نظام رأسمالي مثالي، يكون فيه جهاز الثمن هو المتحكم في الأسعار وفي الكميات المنتجة ؛ لا بد من وجود المنافسة الكاملة التي تتمثل في وجود أعداد كبيرة جدًا من البائعين والمشترين ، بحيث لا يكون لأي واحد منهم بمفرده القدرة على التأثير على السعر وظروف السوق ، مع وجود حرية الانتقال الكاملة لعناصر الإنتاج، وحرية الدخول والخروج في السوق، والعلم الكامل بأحوال السوق.
وقد كشفت التجربة الرأسمالية أن هذه الشروط قل أن تتوافر مجتمعة ، وأن تلك الصورة المُثلى لم تتحقق في الواقع العملي إلا لفترة وجيزة من الزمن .
ولكن من باب الإنصاف علينا أن نعترف بأن النظام الرأسمالي يتمتع بمرونة وقدرة على التكيف، وقد أضيفت له الكثير من الإصلاحات مع الزمن، مما جعله يستمر حتى الآن ، ويحقق نجاحات أكبر من النظام المنافس له وهو النظام الاشتراكي، وأبرز عيوب النظام الرأسمالي هي
1- نمو ظاهرة الاحتكار: يقصد بالاحتكار انفراد مشروع من المشروعات بعمل إنتاج معين يقوم به، بحيث لا يستطيع مشروع آخر منافسته فيه ، ويترتب على ذلك أن المحتكر يستطيع السيطرة على السوق من حيث تحديد الأسعار والكميات ، ويتعطل جهاز الثمن ويفقد فاعليته في توزيع وتخصيص الموارد بشكل يحقق الكفاءة، ومن مساوئ الاحتكار أن المحتكر يلجأ إلى تحديد حجم الإنتاج، وحرمان السوق من السلعة لرفع أسعارها ، وتحقيق أرباحه الاحتكارية ، ورغم أن في إمكان المصانع والمزارع أن تنتج المزيد وبأسعار منخفضة، إلا أن المحتكرين يفضلون بقاء آلاتهم عاطلة ومزارعهم يابسة حتى يقل المعروض من السلعة وترتفع أسعارها ، وهكذا يؤدي الاحتكار إلى سوء استخدام للموارد الاقتصادية.
وهكذا يؤدي الاحتكار إلى استغلال المستهلكين لصالح أصحاب رؤوس الأموال ، ويؤدي أيضًا إلى سوء استغلال للموارد ، مما جعل كثير من الحكومات الرأسمالية تتدخل لمنع الاحتكار من خلال إصدار تشريعات وسن قوانين لمنع الاحتكار ، والتقييد من سلطاته لصالح المستهلك.
2- سوء توزيع الدخل والثروة: يرتكز النظام الرأسمالي على عدد من الدعائم أهمها الملكية الخاصة لعناصر الإنتاج ، ونظرًا لندرة عناصر الإنتاج بالنسبة لعدد السكان في كل دولة ؛ فإنه من المشاهد أن تتركز عناصر الإنتاج في أيدي فئة قليلة من المجتمع ، ويبقى جمهور المجتمع من الطبقة العاملة الكادحة، وهكذا يربح أصحاب رؤوس الأموال من عناصر إنتاجهم مباشرة كما هو الحال بالنسبة لأصحاب الأراضي مثلاً الذين يحصلون الريع أو الإيجار ، أما العمال الذين لا يملكون عناصر الإنتاج ؛ فإنهم يحصلون على دخلهم مقابل المجهود الذي يبذلونه ومن الطبيعي إزاء هذا الوضع أن يزداد أصحاب رؤوس الأموال ثراء نتيجة لارتفاع دخولهم ومن ثم يمكنهم ادخار جزء من هذا الدخل ، وإعادة استثمار مما يؤدي إلى زيادة ملكية عناصر الإنتاج وتراكمها في أيدي عدد قليل من الأفراد ، وعلى الجهة الأخرى تطل الطبقة العاملة في مستوى معيشي منخفض ؛ لأن العامل الذي يحصل على دخل منخفض لا يتمكن من الادخار ومن ثم لا يملك عناصر الإنتاج.
ولا يتوقف ذلك على النواحي الاقتصادية والاجتماعية فقط، بل يتعدى إلى النواحي السياسية ؛ حيث يسيطر الأغنياء على مقومات الاقتصادية والاجتماعية ، وبالتالي يمتد نفوذهم إلى النواحي السياسية ؛ فيصل نفوذهم إلى إدارة شؤون الدولة، والحصول على أعلى مراكز فيها وذلك من خلال السيطرة على الأحزاب وانتخابها، بما يملكون من أموال تتفق من الإعلام والدعاية وشراء الذمم.
وبمرور الوقت تجد الأسر الغنية تزداد قوة وأحكامًا، بفضل ما توفره لأبنائها وأعضائها من فرص الحياة والتعليم والترقي ، وفي الوقت نفسه تتوارث الطبقات الكادحة فقر آبائها.
3- تزايد البطالة ووجود الأزمات الدورية والتقلبات الاقتصادية: لقد ساد الاعتقاد أن جهاز الثمن في إطار من الحرية الاقتصادية، كفيل بتحقيق الاستخدام الأمثل والكامل والكفء للموارد إلا أن السير الطبيعي للنظام الرأسمالي أدى إلى ظهور البطالة، ودخول الاقتصاد في أزمات دورية متلاحقة ، فمع توسع النشاط الاقتصادي في النظام الرأسمالي تزداد أرباح المنتجين مما يؤدي إلى استخدام الأرباح في توسيع وزيادة الطاقة الإنتاجية ؛ من معدات ومصانع وآلات بزيادة هائلة ، إلا أن هذه الزيادة في الطاقة الإنتاجية لا يقابلها عادة ، ولا يصاحبها زيادة مماثلة في دخول العمال ؛ ومن ثم لا تزداد قدرة العمال الشرائية بالقدر الكافي لاستيعاب الزيادة في الطاقة الإنتاجية ، مما يحدث تكدس للمنتجات، ومن ثم يتجه رجال الأعمال إلى تخفيض حجم الإنتاج عن طريق الاستغناء عن أعداد من القوة العاملة ؛ وبالتالي تظهر البطالة، والبطالة تؤدي إلى زيادة الأزمة حدة.
ومن أسباب الأزمات في النظام الرأسمالي أيضًا أن المنتجين لا يمكن أن يتوقعوا بدقة عالية طلب المستهلكين في الأجل الطويل ، وخصوصاً في ظل حدوث تغيرات سياسية واجتماعية متلاحقة ، ويترتب على ذلك أن الطلب الفعلي على سلعة معينة قد يزيد وقد ينقص عما كان يتوقعه المنظمون، مما يؤدي إلى اختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.
ولذلك يمكن القول إن التقلبات الاقتصادية رواج وكساد ، هي في الواقع سمة من سمات النظام الرأسمالي الحر ، ففي فترة يزداد حجم النشاط الاقتصادي ويحدث رواج وانتعاش ، وفي فترة أخرى يقل حجم النشاط الاقتصادي ويحدث كساد وركود.
4- الحرية الوهمية: الحرية التي افترضها أنصار المذهب الرأسمالي ليست مطلقة ، إذ لا تتمتع بها سوى فئة محدودة من الأفراد هي فئة ملاك عناصر الإنتاج ؛ فحرية العمل على سبيل المثال ، لا يتمتع بها العامل الأجير الذي غالبًا ما يعجز عن إيجاد العمل الذي يرغب فيه، وذلك بسبب اشتداد المنافسة بين الطبقة المعاملة التي تكوِّن غالبية الشعب، مما يجبرهم على قبول أجور منخفضة؛ حتى لا يتعرضوا للبطالة والتشرد، فأي حرية كان يملكها أكثر من 12 مليون عامل في الولايات المتحدة، كانوا في حالة بطالة خلال الثلاثينات ، حيث ساد العالم أزمة عالمية كبرى
أما حرية الاستهلاك فليست مطلقة كذلك ، وإنما يحد منها الدخل الذي يحصل عليه كل فرد في المجتمع، ويترتب على ذلك أن طبقة العمال التي تحصل على دخل منخفض ؛ لا تحصل إلا على الضروريات.
ويمكن تشبيه النظام الرأسمالي بنظام المرور في مدينة كبيرة ، حيث إن الشوارع قد أعدت لسير السيارات فيها ، ثم تركت السيارات بمختلف أنواعها للسير في الشوارع بدون تنظيم المرور ففي هذه الحالة سيقع الكثير من الحوادث ، وتعم الفوضى ، وترتبك حركة المرور ، وستكون النتيجة الحتمية لمثل هذه الحالة أن يحصل سائقو السيارات الصغيرة الذين يحصلون على قدر بسيط من الحرية يهددون به حياة راكبي الدراجات ، وهؤلاء بدورهم يحصلون على قدر طفيف جداً من الحرية يعرضون بها حياة المشاة للخطر ، وهكذا نجد أنه في هذا النظام يحصل القوي على حريته، أما الضعيف فلن تكون حريته إلا كلمة خالية من كل معنى وبذلك ينتصر قانون الغابة حيث تعيش الذئاب الحرة مع الخراف الحرة.
7/4/2- النظام الرأسمالي التأشيري Social Capital System
يقوم النظام الرأسمالي التأشيري على الدعائم الأساسية للنظام الرأسمالي الحر ، بيد أنه يختلف عنه في زيادة حجم ودور القطاع العام في النشاط الاقتصادي ، بالاضافة إلى تدخل الدولة في نشاط اقتصادي معين عندما لايوجد نشاط خاص يقوم بذلك ، أو لإعتبارات إجتماعية.
وتلعب الخطة الاقتصادية للحكومة دور المدعم والمقوم لجهاز الثمن في إدارة النشاط الاقتصادي ، فتكون الخطة ملزمة للوحدات الاقتصادية العامة ، وتأشيرية أي موجة بالنسبة لمختلف وحدات القطاع الخاص عن طريق السياسة الاقتصادية العامة المطبقة والمتمثلة في السياسة المالية والنقدية والتجارية.
ويقوم النظام الرأسمالي التأشيري على عناصر اقتصادية وأخرى اجتماعية كمايلي:
1- العناصر الاقتصادية
1/1- المنافسة الفعالة
1/2- الاستقرار النقدي
1/3- الملكية الخاصة
2- العناصر الاجتماعية
2/1- الضمان الاجتماعي
2/2- العدالة الاجتماعية
7/5- النظام الجماعي العام Public Social System
مرّ النظام الجماعي العام بثلاث مراحل أساسية خلال تاريخه الطويل ، المرحلة الأولى فكرية متمثلة في الاشتراكية المثالية أو مايطلق عليها الاشتراكية الخيالية ، وفقد حاول الانسان منذ العصور القديمة تصور مجتمع أفضل من مجتمعه الواقعي تكون فيه الأموال مملوكة ملكية جماعية شائعة ، أما المرحلة الثانية والثالثة فقد كانت تطبيقية وتوصف بأنها علمية ، فالمرحلة الثانية تتمثل في النظام الاشتراكي الشيوعي أي ذلك النظام الذي بيدأ بالاشتراكية كتمهيد بهدف الوصول إلى الشيوعية وهو الذي تم تطبيقه فعلاً في روسيا عام 1917م ، ثم تالتها بعد ذلك العديد من الدول فيما تعرف بالكتلة الشرقية أو المعسكر الشرقي في مقابل الكتلة الغربية أو المعسكر الغربي المتمثل في تلك الدول التي تطبق النظام الفردي الخاص أو النظام الرأسمالي.
أما المرحلة الثالثة فهي المتمثلة في النظام الاشتراكي المرسمل والذي يتمثل في ذلك النظام الذي لا يخرج عن دعائم الإطار الجماعي العام ، بيد أنه يأخذ في نفس الوقت بدور القطاع الخاص وجهاز الثمن كأحد السبل لمعالجة العيوب والقصور في النظام الإشتراكي الشيوعي.
7/5/1- النظام الإشتراكي الشيوعي Socialist System
الاشتراكية من الناحية العلمية تعني النظام الذي تؤول فيه ملكية سواء الإنتاج والأراضي والآلات والمصانع للدولة ، بمعنى آخر: فإن الاشتراكية على خلاف ما تقتضيه الرأسمالية تقوم على الملكية الجماعية لعناصر الإنتاج المختلفة.
أي أنه من المفترض في النظام الاشتراكي أن لا يملك واحد من الأفراد شيئًا من عناصر الإنتاج لا يملك أرضًا ولا مصنعًا ولا آلات ، وإنما كل ذلك ملك للدولة وجميع الأفراد يعملون لدى الدولة ( في القطاع العام ) ، ونظير ذلك تقوم الدولة بسد حاجتهم من الطعام والشراب ، وتوفير الخدمات المختلفة لهم من الصحة والتعليم وغير ذلك.
7/5/1/1- خصائص النظام الاشتركي الشيوعي
1- الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج: وقد ذكرنا ذلك أن وسائل الإنتاج ملك المجتمع وليس ملك الفرد ، أي أن الملكية الفردية في النظام الاشتراكي تكاد تنحصر في أشياء بسيطة ؛ مثل المساكن والأدوات المنزلية وغيرها من السلع الاستهلاكية ، وتأخذ الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج إحدى صورتين ؛ إما ملكية الدولة وهي الأكثر شيوعًا في التطبيقات الاشتراكية ، أو الجمعيات التعاونية حيث تنشأ جمعيات تعاونية لملك الأراضي الزراعية ، أو الصناعات الصغيرة ؛ فمثلًا تكون هناك جمعيات تضم كل واحدة منها مجموعة من الفلاحين لتملُّك مساحة من الأراضي الزراعية.
2- جهاز التخطيط هو الذي يخصص الموارد: نتيجة الملكية الدولة لعناصر الإنتاج، فالذي يقوم بتحديد كيفية توزيع الموارد هي الدولة (جهاز التخطيط داخل الدولة ) ، وذلك من خلال وضع خطة قومية شاملة، هذه الخطة تشمل جميع المتغيرات الاقتصادية داخل الدولة.
وهذا بالطبع يحتاج إلى حصر دقيق جدًا لجميع موارد المجتمع ولحاجات الأفراد داخل المجتمع ؛ حتى تتمكن الدولة من التخطيط لكيفية توزيع الموارد على الحاجات ، وقد وصل الأمر في ذلك أنه على سبيل المثال في مصر في الخمسينات كان يخطط لكيفية توزيع الشاي فيحسب أن المواطن المصري يشرب في اليوم في المتوسط ثلاث كبايات شاي ، أي ما يعادل مثلاُ ثلاث معالق صغيرة ، المعلقة مثلًا عشرون جرام واضرب عشرون جرام في ثلاثة يعطيك 60 جرام ، أي المواطن المصري الواحد مثلًا يحتاج إلى 60 جرام من الشاي يوميًا ، واضرب في عشرين مليون مثلًا عدد الشعب المصري آنذاك يعطيك كذا وكذا كيلو من الشاي علينا إنتاجه في اليوم ، وهكذا كل شيء تخططه الدولة في الدواجن في اللحوم في الثياب.
3- إشباع الحاجات العامة وإلغاء حافز الربح: حيث يهتم النظام الاشتراكي كما ذكرنا بالقضاء على الطبقية ، وجعل الناس طبقة واحدة فلا غني ولا فقير ؛ وبالتالي يلغي نظام حافز الربحأي لا يصبح الهدف من النشاط الاقتصادي هو تحقيق الربح ؛ لأن الربح عندهم وسيلة من وسائل سوء الاستغلال يؤدي إلى سوء التوزيع في الدخل والثروة ، وبالتالي يحل محل الربح كحافز اقتصادي الشعور القومي والشعور الوطني ، والإحساس بالمسؤولية والمشاركة في إشباع حاجات المجتمع ، و نظير عدم وجود ربح يقوم النظام الاشتراكي بتغطية حاجات المجتمع مجانًا فالتعليم مجاني ورعاية الصحة مجانية والترفيه مجاني وهكذا .
3- كل حسب طاقته لكل حسب حاجته: أي يقدم كل فرد خدماته إلى المجتمع بحسب طاقته وفي المقابل يتسلم الفرد من المجتمع بحسب حاجته ( حاجه الفرد ) ، ومعنى ذلك لو عندنا شخصان أحدهما شاب في الخامس والعشرين من عمره متزوج وعنده طفل واحد ويعمل اثنتي عشر ساعة في اليوم ( على قدر طاقته التي يستطيع العمل بها ) ، والآخر رجل عنده خمسة وخمسين عامًا وعنده عشرة أولاد ويعمل أربع ساعات في اليوم ( حسب طاقته ) ، ومع ذلك فالشاب يأخذ مائة جنية فقط في الشهر ؛ لأنه لا يحتاج أكثر من ذلك فأسرته مكونة من ثلاثة أعضاء فقط هو وزوجته وابنه ، أما الرجل ذو الخمسة والخمسين عامًا يأخذ أربعمائة جنيه في الشهر لأنه يحتاج إليها لينفق على أسرته المكونة من اثنتي عشرة عضوًا.
7/5/1/2- كيفيه مواجهه المشكلة الاقتصادية في ظل هذا النظام
فان مواجهه المشكلة الاقتصادية في النظام الاشتراكي تعتمد أساسا علي الخطة الشاملة العامة التي تضعها الدولة وليس علي قوي السوق أو جهاز الثمن كما هو الحال في النظام الرأسمالي حيث من خلال أسلوب التخطيط تتخذ الدولة كافه القرارات الاقتصادية اللازمة لمواجهه مشكله الندرة النسبية للموارد كالتالي:
1- إن الدولة هي التي تحدد الأساليب الفنية التي تتبع لإنتاج السلع والخدمات كما تقرر عن طريق جهاز التخطيط نمط توزيع الناتج بين أفراد المجتمع.
2- إن الدولة تقوم أيضا بتوجيه الموارد بالنسبة لاعتبارات التشغيل الكامل والكفاءة الاقتصادية والنمو الاقتصادي.
هذا لا يعني اعتماد النظام الاشتراكي علي أسلوب التخطيط لمواجهه المشكلة الاقتصادية اختفاء جهاز الثمن كليه إذ يؤدي دورا في النظام الاشتراكي ، وان كان يختلف تماما عن دوره في النظام الرأسمالي فنجد انه لا يعدو أن يكون مجرد أداه من أدوات السلطة المركزية لضمان تنفيذ الخطة العامة للدولة في بعض المجالات وفقا للأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي حددتها الدولة مسبقا.
7/5/1/3- عيوب النظام الاشتراكي
على الرغم من ظهور بعض المميزات للنظام الاشتراكي في الإطار النظري إلا أنه في الحقيقة قد انطوى على كثير من العيوب القاتلة والتي أدت إلى سقوط أغلب المجتمعات الاشتراكية اقتصادياً وإلى تحول أغلب المجتمعات الاشتراكية إلى مجتمعات رأسمالية بعد ذلك وأبرز هذه العيوب هي:
1- المركزية الشديدة وتركز السلطة: يقوم جهاز التخطيط بتحديد ماذا ينتج وكميته ونوعه وكيفية هذا الإنتاج ومن يحصل عليه ( التوزيع ) ، وفي الحقيقة جهاز التخطيط في الغالب هو السلطة العليا في الدولة المتمثلة في طبقة الحزب الحاكم ، مما يعني تحول الدولة إلى ديكتاتورية تحكمها طبقة الحزب الحاكم ويتحكمون في كل شيء يجري في الدولة.
وقد نتج عن هذه المركزية الشديدة وتركز السلطة الوقوع في العديد من الأخطاء حالت دون تحقيق الكفاءة الاقتصادية والكفاءة الإنتاجية في تخصيص الموارد ، هذا بالإضافة إلى التأخر في اتخاذ القرارات ، فنتيجة لتركز السلطة في يد السلطة العليا يجب أن ترفع إليها الكثير من البيانات والإحصائيات لتصدر القرار ثم تنزل هذه القرارات مرة أخرى ، ولك أن تتخيل الوقت الذي يتطلبه رفع بيان أو إحصائية عن صناعة من الصناعات مثلاَ حتى يصل إلى السلطة العليا, ثم الوقت الذي تستهلكه السلطة العليا إلى المسئولين عن هذه الصناعة ، لا شك أن هذا يستغرق وقتاً كبيراً جداً مما يؤدي إلى بطء في اتخاذ القرارات وبالتالي سوء استغلال للفرص.
2- البيروقراطية والتعقيدات المكتبية: وقد تعمقت البيروقراطية والتعقيدات المكتبية نتيجة لأن تحديد كمية ونوعية الإنتاج واختيار طرق وأساليب الإنتاج وغيرها كلها قرارات يتم اتخاذها من جهاز التخطيط المركزي وبالتالي فهذا يتطلب عدداَ كبيراَ جداً من الموظفين الذين يقومون بجمع البيانات والإحصاءات وتبويبها وتحليلها ، وموظفين آخرين لدراستها ومقارنتها حتى يتمكن جهاز التخطيط المركزي من اتخاذ القرارات المناسبة وقد أدى ذلك إلى تضخم الجهاز الإداري وتزايد الأجهزة الرقابية مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج من ناحية ، وإلى تعطيل كثير من الإجراءات من ناحية أخرى ناهيك عن بعض التطبيقات التي أسفرت عن التسيب والفساد.
3- عدم القضاء على الاستغلال: حيث أسفر التطبيق العملي للاشتراكية أنها لم تستطع تحقيق العدالة في التوزيع بل حدث خلاف ما ادعته ، ففائض القيمة الذي كان يذهب للرأسماليين في ظل النظام الرأسمالي أصبح يذهب إلى الدولة في النظام الاشتراكي ولم يؤول إلى الطبقة العاملة وهكذا ظلت العمالة مستغلة حتى في النظام الاشتراكي حيث لا تستلم قيمة إنتاجها وإنما تستلم بالقدر الذي تراه الحكومة مناسباً.
كما ظهر نوع استغلال آخر نتيجة للمبدأ: "كل حسب طاقته لكل حسب حاجته". ولنفترض مثلاً أن هناك شخصين ( س ، ص ):
س قدرته =10 وحدات.
ص قدرته= 5 وحدات.
وإذا نظرنا إلى الحاجات:
س حاجته 5 وحدات.
ص حاجته 10 وحدات.
فمعنى ذلك أننا سنأخذ من الشخص "س" 5 وحدات ونعطيها للشخص "ص" وبالتالي فهذا استغلال من الشخص "ص" للشخص "س".
4- غياب نظام حوافز كفء : وقد أشارت بعض الدارسات المقارنة بين النظام الاشتراكي والرأسمالي أن إنتاجية العامل في النظام الاشتراكي أقل من إنتاجية العامل في النظام الرأسمالي وذلك لأن العامل في النظام الاشتراكي لا يجد ما يحفزه على الإنتاج طالما أنه يستلم أجراً محدداً بغض النظر عن إنتاجيته ، فغياب حافز الربح أدى إلى انخفاض الإنتاجية لدى أفراد المجتمع الاشتراكي ، وقس على العمال المديرين ورؤساء الشركات لهم أجر محدد كذلك، وبالتالي تجدهم ليس لديهم الدافع لتوسيع الشركة ولا لتغطية ربحها مما يؤدي إلى سوء استغلال الموارد الاقتصادية وعناصر الإنتاج ، كما أدى إلى تخلف الآلات والمعدات المستخدمة في العمليات الإنتاجية.
7/5/1- النظام الإشتراكي المرسمل Liberal Socialist System
يقوم النظام الإشتراكي المرسمل على الدعائم الأساسية للنظام الاشتراكي الشيوعي ، بيد أنه يختلف عنه في زيادة حجم ودور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي ، فهو نظام نتج عن طريق تحول النظام الاشتراكي الشيوعي نحو اقتصاد السوق أي الرأسمالية ، ولكن مع المحافظة على الدعائم الإجتماعية المكتسبة من النظام الاشتراكي الشيوعي.
وفي إطار هذا النظام تتخلى الحكومة عن الخطة الشاملة العامة القائمة على الملكية العامة و مفهوم المركزية ، وإستبدالها بخطة تأشيرية قائمة على القطاعين العام والخاص مع إتاحة الفرصة لزيادة حجم ودور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
وفيما يلي صور من تحول بعض المجتمعات القائمة على النظام الاشتراكي الشيوعي إلى النظام الاشتراكي المرسمل
ففي بولندا: أطاحت حركة تضامن بالحكومة الشيوعية ، وحكمت البلاد عناصر غير شيوعية لأول مرة وأصبح الحزب الشيوعي هامشياً.
وفي المجر: تم حل الحزب الشيوعي المجري وقيام حزب اشتراكي ديموقراطي خلفاً له يؤمن بالتعددية الحزبية وبالديموقراطية وتبني قوانين السوق ( الرأسمالية ).
وفي تشيكوسلوفاكيا: خرجت الجماهير في مظاهرات ضخمة تنادي بالإصلاح واختفى وجه الزعيم الشيوعي التشيكي "ميلوس جاكيس" ودعا "باتسلاف هاقل" الرئيس الجديد إلى محو كل آثار الشيوعية في البلاد وتعهد بإقامة دولة جديدة تحترم حقوق الإنسان.
وفي رومانيا: خرجت الجماهير في مظاهرات تطالب بالإصلاح وانتهت بإعدام الرئيس "شاوشيسكو" بعد اتهامه بالخيانة ونهب أموال الدولة.
وفي يوليو 1990 م وافق برلمان رومانيا من حيث المبدأ على خطة عقدّ اللبنة الأولى نحو التحول إلى نظام الاقتصاد الحر.
كذلك في ألمانيا الشرقية: إندمج النظام الاقتصادي لألمانيا الشرقية مع النظام الاقتصادي لألمانيا الغربية في 1 يوليو 1990 م.
حتى الاتحاد السوفيتي نفسه: القطب الاشتراكي المواجه لقطب الرأسمالية في العالم سقط مع بزوغ فجر 1992 م وتفكك إلى خمسة عشر دولة على رأسهم جمهورية روسيا.
ظريف توفيق جيد
فالنظام الاقتصادي هو الطريقة أو الآلية التي يتبعها المجتمع في علاج مشكلته الاقتصادية أي الإجابة على الأسئلة التالية :
1- ماذا ينتج وكميته ونوعة
2- بأي الأساليب والطرق الإنتاجية
3- كيفية توزيع هذا الناتج علة المساهمين فيه
4- كيفية تحقيق الكفاءة في عمليى الإنتاج والتوزيع
5- كيفية تحقيق التشغيل الكامل
6- كيفية تحقيق النمو للطاقة الانتاجية
فطريقة الإجابة على هذه الأسئلة هي التي تحدد ماهية وطبيعة النظام الاقتصادي ، بيد أن هذه الأنظمة تشترك في هدف واحد وهو إستخدام الموارد أحسن استخدام ممكن لإشباع حاجات أفراد المجتمع بأقصى إشباع ممكن في مرحلة معينة
وتتفق جميع النظم الاقتصادية في الهدف ، ولكن تختلف عن بعضها البعض في الكيفية والوسائل التي تتبعها للوصول إلى ذلك الهدف ، وبقاء أي نظام اقتصادي أو تغيره يتوقف على قدرته على التعامل مع المشكلة الاقتصادية بكفاءة وفاعلية.
وقد عرفت البشرية العديد من النظم الاقتصادية التي من أشهرها مايلي:
7/1- النظام البدائي Primitive System
يعد النظام البدائي أول نظام إقتصادي إجتماعي عرفته البشرية منذ عدة آلاف من السنين وكان مشتركا بين كل الشعوب في المرحلة الأولى من تطورها. وكانت علاقات الانتاج في هذا النظام نتاج مستوى منخفض من تطور القوى الإنتاجية ، والحالة البدائية لأدوات العمل والتقسيم الطبيعي للعمل حسب الجنس والسن. وكان أساس علاقات الانتاج الملكية المشتركة لوسائل الانتاج (أدوات العمل ، والأرض ، والمساكن ، والأدوات الزراعية ،…الخ ).
وفي إطار الملكية المشتركة كانت هناك أيضا ملكية خاصة للأسلحة والملابس والأواني المنزلية ،…الخ وكان الانتاج في النظام المشاعي البدائي يتم جماعيا بواسطة العشائر ، وكان الناتج يقسم إلى أجزاء متساوية ويستهلك جماعيا. ولم يكن البدائيون يستطيعون بغير العمل معا أن يؤمنوا وسائل معيشتهم وأن يحموا أنفسهم من هجمات الحيوانات المفترسة والجماعات المجاورة. وعلى أساس أول تقسيم للعمل – أي الفصل بين تربية الماشية والزراعة – بدأت القوى الإنتاجية للنظام المشاعي البدائي تتطور بسرعة أكبر كثيراً
ومع تطورها نشأ وتطور التبادل والملكية الخاصة والتفاوت الإقتصادي بين الأفراد أعضاء الجماعة وأدى العمل العبودي إلى مزيد من التفاوت الإقتصادي وكان مسؤولا عن تفكك الجماعة البدائية وبدأ الانتاج الجماعي والتوزيع المتساوي للناتج يقيد القوى الانتاجية وفي المرحلة العليا من تطور النظام المشاعي البدائي تم تقسيم كبير للعمل : هو الفصل بين الحرف والزراعة ، وسهّل هذا حدوث انهيار أكبر في النظام المشاعي البدائي ، وكانت النتيجة ظهور الفقراء والأغنياء والاستغلال والطبقات والدولة وحلت محل النظام المشاعي البدائي المجتمعات الطبقية ، مثل النظام العبودي الرقي والاقطاع.
وقد مر هذا النظام المشاعي البدائي بمرحلتين رئيسيتين هما مرحلة النظام الأمومي تالتها مرحلة النظام الأبوي
7/1/1- النظام الأمومي Matriarchy System
مرحلة تاريخية في تطور المجتمع البدائي حيث كانت الأم تمثل الدور المسيطر في الاقتصاد الاجتماعي. وقد وُجد النظام الأمومي بين جميع الشعوب بلا استثناء. فخلال المراحل الدنيا من التطور الاجتماعي عندما كان الزواج الجماعي هو القاعدة، لم يكن معروفا من هو أبو الأطفال. فكانت الأم وحدها معروفة. ولهذا لم يكن من الممكن أن ينسب النسل إلا إلى جانب الأم وكان الاعتراف فقط بالصلة الأنثوية. وكان الاقتصاد القبلي كله في أيدي النساء. فلم يكن الصيد – وهو حرفة الرجال – يوفر وسيلة للعيش يعول عليها. وفي البداية كانت النساء عموما هن اللاتي يقمن بالعمل الزراعي المنتج. وكانت رعاية الأطفال والبيت وتوفير الزاد والعمل في الحقل والطهي، الخ، من وظائف النساء. ومع ظهور تربية الماشية بدأ دور المرأة في الهبوط. وأصبح الرجل القوة المنتجة الرئيسية في المجتمع، ومالك وسائل الانتاج والماشية وبعد ذلك مالك العبيد ومن ثم أصبح رأس الجماعة.
7/1/2- النظام الأبويPatriarchy System
مستوى تاريخي في تطور النظام البدائي في مرحلة تفككه ، وقد نشأ النظام الأبوي بعد النظام الأمومي. وكانت السمة النوعية المميزة له سيطرة الرجل في الاقتصاد وفي كل طريقة الحياة في مجتمع العشيرة. ونشأ النظام الأبوي في الفترة التي أدى فيها أول تقسيم إجتماعي للعمل على نطاق واسع – أي فصل الرعي عن الزراعة – إلى التطور السريع نسبيا للقوى الانتاجية والتبادل المنظم والملكية الخاصة والعبودية.
ومع تطور الرعي والزراعة بدأ الناس تدريجيا في ممارسة ملكية الماشية والعبيد، الذين كانوا يتسلمونهم مقابل الماشية. وفي ظل النظام الأبوي حل الزواج الثنائي محل الزواج الجماعي (أو زواج الزمرة) وصار الزوج يعترف به كأب للأطفال، والزوجة والأطفال ينتمون إليه بحق الملكية. كانت العائلة الأبوية – التي يصل عددها إلى مائة شخص أو أكثر – وحدة إقتصادية فوق كل شيء. وقد أدى المزيد من تطور القوى الانتاجية والملكية الخاصة والتبادل إلى انقسام العائلة الأبوية إلى عائلات صغيرة تقوم على الزواج الواحدي.
7/2 -النظام الإستعبادي Bondage System
إذا كان النظام المشاعي البدائي هو أول نظام إقتصادي إجتماعي عرفته البشرية منذ عدة آلاف من السنين ، فإن النظام القائم على العبيد هو أول مجتمع طبقي متطاحن نشأ على أنقاض النظام البدائي.
وقد وُجدت العبودية بدرجة أو بأخرى في جميع البلدان ، وبلغ هذا النظام أعلى أشكال تطوره في اليونان القديمة وروما القديمة حيث كان العبيد قد أصبحوا القوة الإنتاجية الرئيسية للمجتمع ، وكان ملاك العبيد في النظام العبودي يشكلون الطبقة الحاكمة ، وكانت تنقسم إلى عدة مجموعات مختلفة : الطبقة الرئيسية الأولى مكونة من كبار ملاك الأراضي ، وملاك الورش الكبيرة والتجار ، والمرابين وكانت الطبقة الرئيسية الثانية تتكون من العبيد العديدين المستغَلين وإلى جانب هاتين الطبقتين الرئيسيتين في النظام العبودي كانت توجد المراتب الوسطى من السكان : صغار الملاك الذين يعيشون بعملهم الخاص (الحرفيون والفلاحون) والبروليتاريا المنهكة ، المؤلفة من الحرفيين والفلاحين المحطمين.
وكانت الملكية الخاصة لوسائل الانتاج والعبيد من قبل ملاك العبيد تشكل أساس علاقات الإنتاج السائدة في النظام العبودي . وقد وصل استغلال العبيد – القائم على القهر الاقتصادي الزائد – إلى حدود بشعة . وأظهر العبيد – لمواجهة هذا الاستغلال والقهر – إنخفاظا في إنتاجية العمل وحطموا أدوات الانتاج ، وكان فائض الانتاج الذي يخلقه كل عبد فائضا عديم القيمة ولكن الفائض الاجمالي للانتاج – نظراً للعدد الضخم من العبيد المستغَلين والرخص الشديد لعملهم – كان كبيرا نسبيا.
وعلى هذا الأساس أصبح من الممكن حدوث بعض التقدم الاجتماعي والتقني وتطور العلم والفنون والفلسفة وقد ظهرت الدولة وتطورت مع ظهور النظام العبودي . وتاريخ العبودية كله هو تاريخ الصراع الطبقي ، فإن الصراع الطبقي يبلغ أعلى نقطة له مع انهيار النظام العبودي وتتداخل إنتفاضات العبيد مع صراع الفلاحين الصغار المحطمين ضد كبار ملاك الأراضي وقد عجل الغزو بانهيار النظام الإستعبادي في روما ، وقد حل الإستغلال الإقطاعي محل شكل الإستغلال القائم على إمتلاك العبيد ولم يختف أسلوب الانتاج القائم على إمتلاك العبيد إختفاء تاما بانهيار النظام العبودي ، وإنما استمر في الوجود بدرجة أو بأخرى في فترة الإقطاع والرأسمالية.
7/3- النظام الإقطاعي Feudal System
إن النظام الاجتماعي الذي هيمن على الحياة الأوروبية طيلة القرون الوسطى هو نظام 'الإقطاع' ، وربما كان أبشع وأظلم النظم الاجتماعية في التاريخ . ويرجع النظام الإقطاعي إلى عهد الرومان ، إلا أنه تبلور في صورته التي عرفته أوروبا في القرن التاسع ، وبلغ ذروته في أوروبا أبان القرون الوسطى ، وتحديدًا في القرن الثالث عشر.
وقد بدأ النظام الإقطاعي باقتطاع الملوك والأمراء مساحات من الأراضي إلى من يدينون لهم بالولاء ، وذلك مدى حياتهم ، ثم أصبح ذلك أمرًا وراثيًا ، فأمير الإقطاعية هو الحاكم المطلق في إقطاعيته ، هو المالك لكل شيء والباقون عبيد ، لا يملكون حق الانتقال من إقطاعية إلى إقطاعية ، ولم يكن مساوئ النظام الإقطاعي في الجانب المالي فحسب ، بل كان للإقطاعي سلطات أخرى حصل عليها والمتمثلة في القائمة الطويلة من الواجبات التالية التي يؤديها الرقيق للمالك :
1- ثلاث ضرائب نقدية في العام.
2- جزء من محصوله وماشيته.
3- العمل سخرة كثيراً من أيام السنة.
4- أجر على استعمال أدوات المالك في طعامه وشرابه.
5- أجر للسماح بصيد السمك أو الحيوان البري.
6- رسم إذا رفع قضية أمام محاكم المالك.
7- ينضم إلى فيلق المالك إذا نشبت حرب.
8- يفتدي سيده إذا أسر.
9- يقدم الهدايا لابن المالك إذا رقي لمرتبة الفرسان.
10- ضريبة على كل سلعة يبيعها في السوق.
11- لا يبيع سلعة إلا بعد بيع سلعة المالك نفسها بأسبوعين.
12- يشتري بعض بضائع سيده وجوباً.
13- غرامة إذا أرسل ابنه ليتعلم أو وهبه للكنيسة.
14- ضريبة مع أذن المالك إذا تزوج هو أو أحد أبنائه من خارج الضيعة.
15- حق الليلة الأولى! وهي أن يقضي السيد مع عروس رقيقه الليلة الأولى، وكان يسمح له أحياناً أن يفتديها بأجر ، وقد بقي بصورته هذه في بافاريا ( وهي أكبر مقاطعة في ألمانيا الغربية ، عاصمتها مونشن ) إلى القرن الثامن عشر.
16- وراثة تركته بعد موته.
17- ضريبة سنوية للكنيسة ، وضريبة تركات للقائد الذي يدافع عن المقاطعة.
وقد أدى النظام الإقطاعي إلى تحول أغلب أوروبا إلى مجتمعات ريفية فقيرة، واندثرت المدنية في الكثير من الأقطار الأوروبية، كما انحصر المجتمع إلى عدة طبقات:
1- السيد المالك : هو المسيطر الفعلي وصاحب النفوذ القوي في هذا النظام، وقد كان يملك حقوقاً لا حصر لها في حين ليس عليه أي واجبات حيث [ كان من حقه أن يضرب رقيق أرضه أو يقتله في بعض الأماكن أو الأحوال دون أن يخشى عقاباً، وكانت له في أملاكه كل السلطات القضائية والعسكرية، وكان يستفيد فوق ما يجب من الغرامات التي تفرضها محاكم الضيعة... وكان في وسع السيد الإقطاعي أن يمتلك أكثر من ضيعة واحدة... وقد يكون له قصر حصين في كل واحدة منها، وكان قصره يهدف إلى حماية سكانه أكثر مما يهدف إلى راحتهم... يحيط به خندق عميق عريض وسور متصل عال وأبواب حديدية؛ وفي وسطه برج حجري دائري يسكن فيه السيد وأسرته، وكانت جدرانه الحجرية المنيعة عماد قوة الملاك ضد مستأجريهم وضد الملك.
وكان الرجل الذي يمنعه كبرياؤه من أن يكون رقيق أرض، ولكنه أضعف من أن يعد لنفسه وسائل الدفاع العسكرية، يؤدي مراسم الولاء لشريف إقطاعي، يركع أمامه وهو أعزل عاري الرأس، ويضع يديه في يدي الشريف، ويعلن أنه رجل ذلك الشريف، ثم يقسم على بعض المخلفات المقدسة... أن يظل وفياً للسيد إلى آخر أيام حياته، ثم يرفعه السيد ويقبل
2- رجل الدين: كان رجل الدين بسلطته الروحية سيداً إقطاعياً إلى حد ما ، وكان يملك الإقطاعيات ، ويتحلى بالألقاب الإقطاعية ، ويورث مرتبته لذريته
3- العبد ورقيق الأرض: لم يكن رقيق الأرض عبداً بمعنى الكلمة ، لكن حاله لا يختلف عن العبد في شيء ، والفارق بينهما أن العبد - في الأصل- إما أسير مغلوب وإما مخالف للسيد في الدين أو الجنس أو المذهب ، بعكس الرقيق الذي هو أصيل في الإقطاعية ، وينتمي إلى الدين والجنس اللذين ينتمي إليهما سيده.
والأصل في رقيق الأرض أنه رجل يفلح مساحة من الأرض يمتلكها سيد أو بارون ، وكان في وسع المالك أن يطرده متى شاء، وكان من حقه في فرنسا أن يبيع الرقيق مستقلاً عن الأرض، أما في إنجلترا فقد حرم من مغادرة الأرض، وكان الذين يفرون من أرقاء الأرض يعاد القبض عليهم بنفس الصرامة التي يعاد بها القبض على العبيد، وهذا الصنف هو الصنف الغالب في الإقطاعيات، بل هو في الحقيقة يمثل مجموع سكان أوروبا تقريباً باستثناء النبلاء ورجال الدين.
7/4- النظام الفردي الخاص Private Individual System
يعد قيام الثورة الصناعية الأولى ــ ثورة الميكنة ــ أحد الأسباب الرئيسية لإنهيار النظام الإقطاعي والإنتقال إلى النظام الفردي الخاص الذي مر بمرحلتين أساسيتين هما النظام الرأسمالي الحر كمرحلة أولى ، تالتها مرحلة النظام الرأسمالي التأشيري.
وتعني ثورة الميكنة أو الثورة الصناعية الأولى إنتشار وإحلال العمل بواسطة المكينة محل العمل اليدوي ، وقد كانت الانطلاقة الفعلية لهذه الثورة مع اختراع الآلة البخارية في بريطانيا على يد جيمس واط سنة 1769 ، وهـو عامل بجامعة كلاسكو الإنجليزية ، ثم إنتشر إستعمال الآلة البخارية خارج بريطانيا العظمى ليشمل كل من فرنسا وألمانيا فباقي دول العالم.
ويرد قيام الثورة الصناعية الأولى إلى عدد من العوامل والظروف الاقتصادية التي هيأت المجتمع للتحول من مجتمع أساسه الاقتصادي قائم على الإنتاج الزراعي إلى مجتمع أساسه الاقتصادي قائم على الإنتاج الصناعي ، ويمكن تحديد هذه العوامل والظروف الاقتصادية فيمايلي:
1- تطبيق الإختراعات والإكتشافات الحديثة في مجال الإنتاج
2- توافر التمويل اللازم لعملية التصنيع
3- توافر مصادر الطاقة والمواد الاولية الرخيصة
4- حرية العمل وعدم تدخل الحكومة في تنظيم الصناعة
5- الزيادة السكانية
6- إتساع حجم التجارة الأوربية الداخلية والخارجية
7- تحسين وسائل المواصلات
وقد ترتب على قيام ثورة الميكنة العديد من النتائج التي أدت إلى حدوث تغييراً نوعياً في جوانب المجتمع المختلفة من إجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية في الدول التي قامت فيها هذه الثورة ، ومن بين هذه النتائج مايلي:
1- تغير وسائل الصناعة وإنتاجها
2- تغير التنظيم الصناعي
3- تقدم المدينة وتركز السكان في المدن
4- تطور الإنتاج الزراعي
5- إزدياد نفوز طبقة رجال الأعمال والمؤسسات المالية
6- زيادة الثروة القومية
7- إرتفاع مستوى المعيشة
ومع إرساء قواعد الإنتاج الصناعي كأساس اقتصادي للمجتمع نتيجة ثورة الميكنة برز النظام الفردي الخاص كنظام اقتصادي يلي النظام الاقطاعي ، وقد مر النظام الفردي الخاص خلال تاريخه بمرحلتين أساسيتين ، أولهما النظام الرأسمالي الحر ، وثانيهما النظام الرأسمالي التأشيري
7/4/1- النظام الرأسمالي الحر Liberal Capital System
النظام الرأسمالي الحر هو النظام الذي يقوم على الملكية الفردية لعناصر الإنتاج والحرية الاقتصادية للأفراد في إدارة وتيسير وممارسة النشاط الاقتصادي والتنافس فيما بينهم بهدف تحقيق المكسب المادي ، ويتمتع النظام الرأسمالي إلى هذه اللحظة بقدرته على التجدد والاستمرار وقابليته للإصلاح ؛ الأمر الذي جعل أغلب دول العالم اليوم تتوجه نحو الاتجاه الرأسمالي.
7/4/1/1- خصائص النظام الرأسمالي الحر
1- الملكية الفردية : حيث يقوم النظام الرأسمالي على ملكية الأفراد لعناصر الإنتاج ، ويعترف القانون بهذه الملكية ويحميها ، فالمالك له مطلق الحرية في التصرف فيما يملك بالبيع وخلافه ، وله الحق في استغلاله في أي مجال طالما لا يتعارض مع القانون فيمكن أن يوظف أمواله وما لديه في النشاط الزراعي أو الصناعي أو يتركه عاطلاً ، فهو له مطلق الحرية فيما يملك ، ومن أهم الوظائف التي يؤديها حق الملكية الخاص لعناصر الإنتاج أنه يوفر الباعث على الادخار ، فمن يملك يستهلك جزءًا مما يملكه ويدخر الباقي ، وبذلك يكون هناك مدخرات لأغراض الاستثمار وزيادة الدخل ، فبدون الباعث على الادخار الذي يتيحه نظام الملكية الفردية لا تتوافر الأموال التي توجّه إلى الاستثمار.
وبالطبع فهذه الحرية الاقتصادية المتاحة للأفراد ليست حرية مطلقة تمامًا ، بل في داخل الإطار القانوني والاجتماعي للمجتمع ، فهناك أنشطة غير مشروعة تمارس بما يعرف بالاقتصاد الخفي مثل بيع المخدرات مثلاً ، فالحرية الاقتصادية في النظام الرأسمالي مكفولة لكل الأنشطة المشروعة فقط.
2- حافز الربح: يعد حافز الربح في النظام الرأسمالي هو الدافع الأساسي لزيادة الإنتاج وهو المحرك الرئيس لأي قرار يتخذه المنتجون ، فكل فرد في هذا النظام إنما يتصرف بما تمليه عليه مصلحته الشخصية بما يتفق مع تحقيق أهدافه الخاصة ، وبما أن الربح هو الفرق بين الإيرادات والتكاليف ، فإن المنتجين في النظام الرأسمالي يختارون النشاط الاقتصادي الملائم لاستغلال الموارد بأفضل طريقة ممكنة ، وحين يحدث ذلك في جميع الأنشطة الاقتصادية فإن كل الموارد الاقتصادية تكون قد استخدمت ونظمت بحيث تعطي أقصى أرباح ممكنة ، وبالتالي يحصل المجتمع على أقصى دخل ممكن من موارده.
وهذا الربح في النظام الرأسمالي يسمى عائد المخاطرة؛ لأن الشخص صاحب المشروع يخاطر ويغامر ؛ فقد يربح أو يخسر . هذا ، وقد أشار آدم سميث إلى وجود يد خفية توقف بين المصلحة الخاصة للفرد وبين المصلحة العامة للمجتمع ، فالفرد الذي يسعى لتحقيق أقصى ربح ممكن إنما يقوم بإنتاج السلع التي يزداد الطلب عليها ، وبذلك فهو يلبي حاجة المجتمع لهذه السلعة ، كما أنه يحقق المزيد من الأرباح ، وهكذا نجد أن الربح في النظام الرأسمالي ليس مجرد عائد يحصل عليه المنظمون فحسب ، ولكنه يعتبر أيضًا أحد العناصر الأساسية المسيرة للنظام الاقتصادي وتعمل دائمًا على تنميته ؛ حيث إن مزيدًا من الأرباح يعني في النهاية مزيدًا من الإنتاج.
3- سيادة المستهلك: لما كان المنتج يسعى إلى تحقيق أقصى ربح، فإن رغبات المستهلكين هي التي تحدد مجالات الإنتاج التي فيها ربح أكبر ، ولذلك حين تزداد رغبات المستهلكين في منتج معين يزداد طلبهم عليها ، وبالتالي يتّجه المنتجون إلى إنتاج هذا المنتج ليربحوا أكثر إذن فرغبات المستهلكين الزائدة هي التي تقرّر ما ينتجه المنتجون ، هذا ما يعرف بسيادة المستهلك ، إن كمية إنتاج سلعة معينة تتحدد حسب درجة رغبة المستهلك فيها.
4- المنافسة: وهي من أهم خصائص النظام الرأسمالي ، حيث تعتبر من العوامل التي تعمل على زيادة الكفاءة الاقتصادية والإنتاجية، فالمنتجون يتنافسون فيما بينهم لاجتذاب أكبر عدد من المستهلكين ، والنتيجة هي اتجاه الأسعار للانخفاض وخروج المنتجين ذوي الكفاءة المنخفضة ولا يتبقى في السوق إلا الأكفاء ، ومن ثمّ يؤدي ذلك إلى الاستخدام الأفضل للموارد ومن ثم التخصيص الكفء للموارد.
ومن ناحية أخرى توجد المنافسة على مستوى المستهلكين الذين يتنافسون فيما بينهم للحصول على السلع والخدمات التي يحتاجونها ؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ، بحيث يخرج المستهلكون الذين لا تمثل لهم السلع ضرورة قصوى ، أو الذين لا تتناسب المنفعة التي يحصلون عليها من السلعة مع ثمن السلعة ، ولا يتبقى في السوق إلا الذين تكون حاجتهم للسلعة أكبر.
وهكذا يؤدي التنافس بين المنتجين فيما بينهم وبين المستهلكين فيما بينهم إلى الاستغلال الكفء للموارد الاقتصادية؛ حيث إن توفر خاصية المنافسة يؤدي إلى توفير السلع بأحسن جودة وأفضل الأسعار.
5- جهاز الثمن : توجد رغبات للمستهلكين في سلع معينة, هذه الرغبات تسمى بقوى الطلب, وتوجد رغبات للمنتجين في عرض منتجاتهم وبيعها لتحقيق أنظم ربح ممكن, ويسمى ذلك بقوى العرض، فنتيجة للتفاعل بين قوى الطلب وقوى العرض تتحدد الأسعار وتتجدد كمية كل منتج في السوق.
مثال ذلك: إذا ارتفع طلب المستهلكين على شراء المياه المعدنية حتى صار طلبهم عليها أكبر من الكمية الموجودة في السوق سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المياه المعدنية, وبالتالي سيتجه المنتجون إلى إنتاج مياه معدنية أكثر لتحقيق ربح أكبر ، وبالتالي سيزيد إنتاج المياه المعدنية بالفعل والعكس إذا قلّ طلب المستهلكين على الدجاج سيقل سعر الدجاج ، وبالتالي سيقل عدد المنتجين للدجاج. هذا التفاعل بين قوى العرض والطلب وما يؤدي إليه من تحديد ثمن للأسعار والكمية المنتجة للسلع ، هذا ما يعرف بجهاز الثمن.
7/4/1/2-كيفيه مواجهه المشكلة الاقتصادية في ظل هذا النظام
يعتمد النظام الرأسمالي الحرعلي جهاز الثمن حيث بناء عليه تتخذ مجموعه من القرارات اللازمة لمواجهه مشكله الندرة النسبية للموارد وذلك علي النحو التالي:
1- قرارات تحديد الأهداف وتخصيص الموارد: يعكس جهاز الثمن طلب المستهلكين علي مستويات الأسعار في السوق وبذلك يكون جهاز الثمن بمثابة المرأه التي تنقل رغبات المستهلكين إلي المنتجين وتدفعهم إلي اتخاذ قرارات الإنتاج استجابة لهذه الرغبات إذا زادت رغبة الأفراد لسلعة ما زاد طلبهم عليها مما يرفع سعرها في السوق وبالتالي تزداد فرص الربح للقائمين للإنتاج وهكذا يتولى جهاز الثمن التوفيق بين رغبات المستهلكين في تحقيق أقصى إشباع ورغبات المنتجين في تحقيق أقصى ربح من خلال عمله كجهاز إرسال واستقبال.
2- قرارات اختيار أسلوب الإنتاج : حيث تتحدد طريقة الإنتاج في ظل الأسعار النسبية للعناصر الإنتاجية والتي تعكس بدورها الوفرة النسبية فيسعى المنتج إلى اختيار توليفة العناصر التي تحقق أقصى ربح له أي أن جهاز الثمن يتولى من خلال التغيرات النسبية في أسعار عوامل الإنتاج تحديد أساليب الإنتاج واجبة الأتباع.
3- قرارات توزيع الناتج : كذلك يقوم جهاز الثمن بتوزيع الناتج بين العناصر المشتركة في العملية الإنتاجية حيث يحصل كل عنصر على عائد بحسب درجة وفرته النسبية أي حسب ظروف الطلب والعرض في السوق.
4- قرارات التشغيل الكامل : كذلك تؤدى التغيرات النسبية في أسعار عوامل الإنتاج إلى حدوث اتجاه تلقائي نحو التشغيل الكامل لذلك نجد أن جهاز الثمن يضمن الاستخدام الكامل لموارد المجتمع.
5- قرارات النمو الاقتصادي : يتوقف النمو الاقتصادي علي قرارات الأفراد الخاصة بالاستهلاك والادخار والاستثمار وهذه تتأثر بدورها بمستويات الأسعار فارتفاع دخول الأفراد نتيجة ارتفاع أسعار خدماتهم في السوق يؤدي إلي زيادة قدرتهم الادخارية كما أن انخفاض أسعار تكلفه راس المال بالمقارنة بالعائد المتوقع منه يدفع إلي المزيد من الاستثمار وهكذا تتوقف ديناميكية النمو في الاقتصاد القومي علي التغيرات التي تنتاب قوي السوق.
6- قرارات الكفاءة في استخدام الموارد : يتم توظيف الموارد الاقتصادية علي أساس المقارنة بين تكلفتها والعائد المتوقع منها أي أن جهاز الثمن يحقق الكفاءة الاقتصادية في استخدام الموارد المتاحة أي انه كلما زادت قدره عناصر الإنتاج علي التحرك والانتقال من مجال لأخر ارتفعت كفاءة جهاز الثمن في توجيه الموارد بين الاستخدامات المختلفة.
7/4/1/3-عيوب النظام الرأسمالي:
عندما طُبق النظام الرأسمالي في الواقع ؛ أسفر عن بعض العيوب وذلك نتيجة لصعوبة توفر الشروط اللازمة لنظام رأسمالي مثالي ، بمعنى أنه حتى يتحقق نظام رأسمالي مثالي، يكون فيه جهاز الثمن هو المتحكم في الأسعار وفي الكميات المنتجة ؛ لا بد من وجود المنافسة الكاملة التي تتمثل في وجود أعداد كبيرة جدًا من البائعين والمشترين ، بحيث لا يكون لأي واحد منهم بمفرده القدرة على التأثير على السعر وظروف السوق ، مع وجود حرية الانتقال الكاملة لعناصر الإنتاج، وحرية الدخول والخروج في السوق، والعلم الكامل بأحوال السوق.
وقد كشفت التجربة الرأسمالية أن هذه الشروط قل أن تتوافر مجتمعة ، وأن تلك الصورة المُثلى لم تتحقق في الواقع العملي إلا لفترة وجيزة من الزمن .
ولكن من باب الإنصاف علينا أن نعترف بأن النظام الرأسمالي يتمتع بمرونة وقدرة على التكيف، وقد أضيفت له الكثير من الإصلاحات مع الزمن، مما جعله يستمر حتى الآن ، ويحقق نجاحات أكبر من النظام المنافس له وهو النظام الاشتراكي، وأبرز عيوب النظام الرأسمالي هي
1- نمو ظاهرة الاحتكار: يقصد بالاحتكار انفراد مشروع من المشروعات بعمل إنتاج معين يقوم به، بحيث لا يستطيع مشروع آخر منافسته فيه ، ويترتب على ذلك أن المحتكر يستطيع السيطرة على السوق من حيث تحديد الأسعار والكميات ، ويتعطل جهاز الثمن ويفقد فاعليته في توزيع وتخصيص الموارد بشكل يحقق الكفاءة، ومن مساوئ الاحتكار أن المحتكر يلجأ إلى تحديد حجم الإنتاج، وحرمان السوق من السلعة لرفع أسعارها ، وتحقيق أرباحه الاحتكارية ، ورغم أن في إمكان المصانع والمزارع أن تنتج المزيد وبأسعار منخفضة، إلا أن المحتكرين يفضلون بقاء آلاتهم عاطلة ومزارعهم يابسة حتى يقل المعروض من السلعة وترتفع أسعارها ، وهكذا يؤدي الاحتكار إلى سوء استخدام للموارد الاقتصادية.
وهكذا يؤدي الاحتكار إلى استغلال المستهلكين لصالح أصحاب رؤوس الأموال ، ويؤدي أيضًا إلى سوء استغلال للموارد ، مما جعل كثير من الحكومات الرأسمالية تتدخل لمنع الاحتكار من خلال إصدار تشريعات وسن قوانين لمنع الاحتكار ، والتقييد من سلطاته لصالح المستهلك.
2- سوء توزيع الدخل والثروة: يرتكز النظام الرأسمالي على عدد من الدعائم أهمها الملكية الخاصة لعناصر الإنتاج ، ونظرًا لندرة عناصر الإنتاج بالنسبة لعدد السكان في كل دولة ؛ فإنه من المشاهد أن تتركز عناصر الإنتاج في أيدي فئة قليلة من المجتمع ، ويبقى جمهور المجتمع من الطبقة العاملة الكادحة، وهكذا يربح أصحاب رؤوس الأموال من عناصر إنتاجهم مباشرة كما هو الحال بالنسبة لأصحاب الأراضي مثلاً الذين يحصلون الريع أو الإيجار ، أما العمال الذين لا يملكون عناصر الإنتاج ؛ فإنهم يحصلون على دخلهم مقابل المجهود الذي يبذلونه ومن الطبيعي إزاء هذا الوضع أن يزداد أصحاب رؤوس الأموال ثراء نتيجة لارتفاع دخولهم ومن ثم يمكنهم ادخار جزء من هذا الدخل ، وإعادة استثمار مما يؤدي إلى زيادة ملكية عناصر الإنتاج وتراكمها في أيدي عدد قليل من الأفراد ، وعلى الجهة الأخرى تطل الطبقة العاملة في مستوى معيشي منخفض ؛ لأن العامل الذي يحصل على دخل منخفض لا يتمكن من الادخار ومن ثم لا يملك عناصر الإنتاج.
ولا يتوقف ذلك على النواحي الاقتصادية والاجتماعية فقط، بل يتعدى إلى النواحي السياسية ؛ حيث يسيطر الأغنياء على مقومات الاقتصادية والاجتماعية ، وبالتالي يمتد نفوذهم إلى النواحي السياسية ؛ فيصل نفوذهم إلى إدارة شؤون الدولة، والحصول على أعلى مراكز فيها وذلك من خلال السيطرة على الأحزاب وانتخابها، بما يملكون من أموال تتفق من الإعلام والدعاية وشراء الذمم.
وبمرور الوقت تجد الأسر الغنية تزداد قوة وأحكامًا، بفضل ما توفره لأبنائها وأعضائها من فرص الحياة والتعليم والترقي ، وفي الوقت نفسه تتوارث الطبقات الكادحة فقر آبائها.
3- تزايد البطالة ووجود الأزمات الدورية والتقلبات الاقتصادية: لقد ساد الاعتقاد أن جهاز الثمن في إطار من الحرية الاقتصادية، كفيل بتحقيق الاستخدام الأمثل والكامل والكفء للموارد إلا أن السير الطبيعي للنظام الرأسمالي أدى إلى ظهور البطالة، ودخول الاقتصاد في أزمات دورية متلاحقة ، فمع توسع النشاط الاقتصادي في النظام الرأسمالي تزداد أرباح المنتجين مما يؤدي إلى استخدام الأرباح في توسيع وزيادة الطاقة الإنتاجية ؛ من معدات ومصانع وآلات بزيادة هائلة ، إلا أن هذه الزيادة في الطاقة الإنتاجية لا يقابلها عادة ، ولا يصاحبها زيادة مماثلة في دخول العمال ؛ ومن ثم لا تزداد قدرة العمال الشرائية بالقدر الكافي لاستيعاب الزيادة في الطاقة الإنتاجية ، مما يحدث تكدس للمنتجات، ومن ثم يتجه رجال الأعمال إلى تخفيض حجم الإنتاج عن طريق الاستغناء عن أعداد من القوة العاملة ؛ وبالتالي تظهر البطالة، والبطالة تؤدي إلى زيادة الأزمة حدة.
ومن أسباب الأزمات في النظام الرأسمالي أيضًا أن المنتجين لا يمكن أن يتوقعوا بدقة عالية طلب المستهلكين في الأجل الطويل ، وخصوصاً في ظل حدوث تغيرات سياسية واجتماعية متلاحقة ، ويترتب على ذلك أن الطلب الفعلي على سلعة معينة قد يزيد وقد ينقص عما كان يتوقعه المنظمون، مما يؤدي إلى اختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.
ولذلك يمكن القول إن التقلبات الاقتصادية رواج وكساد ، هي في الواقع سمة من سمات النظام الرأسمالي الحر ، ففي فترة يزداد حجم النشاط الاقتصادي ويحدث رواج وانتعاش ، وفي فترة أخرى يقل حجم النشاط الاقتصادي ويحدث كساد وركود.
4- الحرية الوهمية: الحرية التي افترضها أنصار المذهب الرأسمالي ليست مطلقة ، إذ لا تتمتع بها سوى فئة محدودة من الأفراد هي فئة ملاك عناصر الإنتاج ؛ فحرية العمل على سبيل المثال ، لا يتمتع بها العامل الأجير الذي غالبًا ما يعجز عن إيجاد العمل الذي يرغب فيه، وذلك بسبب اشتداد المنافسة بين الطبقة المعاملة التي تكوِّن غالبية الشعب، مما يجبرهم على قبول أجور منخفضة؛ حتى لا يتعرضوا للبطالة والتشرد، فأي حرية كان يملكها أكثر من 12 مليون عامل في الولايات المتحدة، كانوا في حالة بطالة خلال الثلاثينات ، حيث ساد العالم أزمة عالمية كبرى
أما حرية الاستهلاك فليست مطلقة كذلك ، وإنما يحد منها الدخل الذي يحصل عليه كل فرد في المجتمع، ويترتب على ذلك أن طبقة العمال التي تحصل على دخل منخفض ؛ لا تحصل إلا على الضروريات.
ويمكن تشبيه النظام الرأسمالي بنظام المرور في مدينة كبيرة ، حيث إن الشوارع قد أعدت لسير السيارات فيها ، ثم تركت السيارات بمختلف أنواعها للسير في الشوارع بدون تنظيم المرور ففي هذه الحالة سيقع الكثير من الحوادث ، وتعم الفوضى ، وترتبك حركة المرور ، وستكون النتيجة الحتمية لمثل هذه الحالة أن يحصل سائقو السيارات الصغيرة الذين يحصلون على قدر بسيط من الحرية يهددون به حياة راكبي الدراجات ، وهؤلاء بدورهم يحصلون على قدر طفيف جداً من الحرية يعرضون بها حياة المشاة للخطر ، وهكذا نجد أنه في هذا النظام يحصل القوي على حريته، أما الضعيف فلن تكون حريته إلا كلمة خالية من كل معنى وبذلك ينتصر قانون الغابة حيث تعيش الذئاب الحرة مع الخراف الحرة.
7/4/2- النظام الرأسمالي التأشيري Social Capital System
يقوم النظام الرأسمالي التأشيري على الدعائم الأساسية للنظام الرأسمالي الحر ، بيد أنه يختلف عنه في زيادة حجم ودور القطاع العام في النشاط الاقتصادي ، بالاضافة إلى تدخل الدولة في نشاط اقتصادي معين عندما لايوجد نشاط خاص يقوم بذلك ، أو لإعتبارات إجتماعية.
وتلعب الخطة الاقتصادية للحكومة دور المدعم والمقوم لجهاز الثمن في إدارة النشاط الاقتصادي ، فتكون الخطة ملزمة للوحدات الاقتصادية العامة ، وتأشيرية أي موجة بالنسبة لمختلف وحدات القطاع الخاص عن طريق السياسة الاقتصادية العامة المطبقة والمتمثلة في السياسة المالية والنقدية والتجارية.
ويقوم النظام الرأسمالي التأشيري على عناصر اقتصادية وأخرى اجتماعية كمايلي:
1- العناصر الاقتصادية
1/1- المنافسة الفعالة
1/2- الاستقرار النقدي
1/3- الملكية الخاصة
2- العناصر الاجتماعية
2/1- الضمان الاجتماعي
2/2- العدالة الاجتماعية
7/5- النظام الجماعي العام Public Social System
مرّ النظام الجماعي العام بثلاث مراحل أساسية خلال تاريخه الطويل ، المرحلة الأولى فكرية متمثلة في الاشتراكية المثالية أو مايطلق عليها الاشتراكية الخيالية ، وفقد حاول الانسان منذ العصور القديمة تصور مجتمع أفضل من مجتمعه الواقعي تكون فيه الأموال مملوكة ملكية جماعية شائعة ، أما المرحلة الثانية والثالثة فقد كانت تطبيقية وتوصف بأنها علمية ، فالمرحلة الثانية تتمثل في النظام الاشتراكي الشيوعي أي ذلك النظام الذي بيدأ بالاشتراكية كتمهيد بهدف الوصول إلى الشيوعية وهو الذي تم تطبيقه فعلاً في روسيا عام 1917م ، ثم تالتها بعد ذلك العديد من الدول فيما تعرف بالكتلة الشرقية أو المعسكر الشرقي في مقابل الكتلة الغربية أو المعسكر الغربي المتمثل في تلك الدول التي تطبق النظام الفردي الخاص أو النظام الرأسمالي.
أما المرحلة الثالثة فهي المتمثلة في النظام الاشتراكي المرسمل والذي يتمثل في ذلك النظام الذي لا يخرج عن دعائم الإطار الجماعي العام ، بيد أنه يأخذ في نفس الوقت بدور القطاع الخاص وجهاز الثمن كأحد السبل لمعالجة العيوب والقصور في النظام الإشتراكي الشيوعي.
7/5/1- النظام الإشتراكي الشيوعي Socialist System
الاشتراكية من الناحية العلمية تعني النظام الذي تؤول فيه ملكية سواء الإنتاج والأراضي والآلات والمصانع للدولة ، بمعنى آخر: فإن الاشتراكية على خلاف ما تقتضيه الرأسمالية تقوم على الملكية الجماعية لعناصر الإنتاج المختلفة.
أي أنه من المفترض في النظام الاشتراكي أن لا يملك واحد من الأفراد شيئًا من عناصر الإنتاج لا يملك أرضًا ولا مصنعًا ولا آلات ، وإنما كل ذلك ملك للدولة وجميع الأفراد يعملون لدى الدولة ( في القطاع العام ) ، ونظير ذلك تقوم الدولة بسد حاجتهم من الطعام والشراب ، وتوفير الخدمات المختلفة لهم من الصحة والتعليم وغير ذلك.
7/5/1/1- خصائص النظام الاشتركي الشيوعي
1- الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج: وقد ذكرنا ذلك أن وسائل الإنتاج ملك المجتمع وليس ملك الفرد ، أي أن الملكية الفردية في النظام الاشتراكي تكاد تنحصر في أشياء بسيطة ؛ مثل المساكن والأدوات المنزلية وغيرها من السلع الاستهلاكية ، وتأخذ الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج إحدى صورتين ؛ إما ملكية الدولة وهي الأكثر شيوعًا في التطبيقات الاشتراكية ، أو الجمعيات التعاونية حيث تنشأ جمعيات تعاونية لملك الأراضي الزراعية ، أو الصناعات الصغيرة ؛ فمثلًا تكون هناك جمعيات تضم كل واحدة منها مجموعة من الفلاحين لتملُّك مساحة من الأراضي الزراعية.
2- جهاز التخطيط هو الذي يخصص الموارد: نتيجة الملكية الدولة لعناصر الإنتاج، فالذي يقوم بتحديد كيفية توزيع الموارد هي الدولة (جهاز التخطيط داخل الدولة ) ، وذلك من خلال وضع خطة قومية شاملة، هذه الخطة تشمل جميع المتغيرات الاقتصادية داخل الدولة.
وهذا بالطبع يحتاج إلى حصر دقيق جدًا لجميع موارد المجتمع ولحاجات الأفراد داخل المجتمع ؛ حتى تتمكن الدولة من التخطيط لكيفية توزيع الموارد على الحاجات ، وقد وصل الأمر في ذلك أنه على سبيل المثال في مصر في الخمسينات كان يخطط لكيفية توزيع الشاي فيحسب أن المواطن المصري يشرب في اليوم في المتوسط ثلاث كبايات شاي ، أي ما يعادل مثلاُ ثلاث معالق صغيرة ، المعلقة مثلًا عشرون جرام واضرب عشرون جرام في ثلاثة يعطيك 60 جرام ، أي المواطن المصري الواحد مثلًا يحتاج إلى 60 جرام من الشاي يوميًا ، واضرب في عشرين مليون مثلًا عدد الشعب المصري آنذاك يعطيك كذا وكذا كيلو من الشاي علينا إنتاجه في اليوم ، وهكذا كل شيء تخططه الدولة في الدواجن في اللحوم في الثياب.
3- إشباع الحاجات العامة وإلغاء حافز الربح: حيث يهتم النظام الاشتراكي كما ذكرنا بالقضاء على الطبقية ، وجعل الناس طبقة واحدة فلا غني ولا فقير ؛ وبالتالي يلغي نظام حافز الربحأي لا يصبح الهدف من النشاط الاقتصادي هو تحقيق الربح ؛ لأن الربح عندهم وسيلة من وسائل سوء الاستغلال يؤدي إلى سوء التوزيع في الدخل والثروة ، وبالتالي يحل محل الربح كحافز اقتصادي الشعور القومي والشعور الوطني ، والإحساس بالمسؤولية والمشاركة في إشباع حاجات المجتمع ، و نظير عدم وجود ربح يقوم النظام الاشتراكي بتغطية حاجات المجتمع مجانًا فالتعليم مجاني ورعاية الصحة مجانية والترفيه مجاني وهكذا .
3- كل حسب طاقته لكل حسب حاجته: أي يقدم كل فرد خدماته إلى المجتمع بحسب طاقته وفي المقابل يتسلم الفرد من المجتمع بحسب حاجته ( حاجه الفرد ) ، ومعنى ذلك لو عندنا شخصان أحدهما شاب في الخامس والعشرين من عمره متزوج وعنده طفل واحد ويعمل اثنتي عشر ساعة في اليوم ( على قدر طاقته التي يستطيع العمل بها ) ، والآخر رجل عنده خمسة وخمسين عامًا وعنده عشرة أولاد ويعمل أربع ساعات في اليوم ( حسب طاقته ) ، ومع ذلك فالشاب يأخذ مائة جنية فقط في الشهر ؛ لأنه لا يحتاج أكثر من ذلك فأسرته مكونة من ثلاثة أعضاء فقط هو وزوجته وابنه ، أما الرجل ذو الخمسة والخمسين عامًا يأخذ أربعمائة جنيه في الشهر لأنه يحتاج إليها لينفق على أسرته المكونة من اثنتي عشرة عضوًا.
7/5/1/2- كيفيه مواجهه المشكلة الاقتصادية في ظل هذا النظام
فان مواجهه المشكلة الاقتصادية في النظام الاشتراكي تعتمد أساسا علي الخطة الشاملة العامة التي تضعها الدولة وليس علي قوي السوق أو جهاز الثمن كما هو الحال في النظام الرأسمالي حيث من خلال أسلوب التخطيط تتخذ الدولة كافه القرارات الاقتصادية اللازمة لمواجهه مشكله الندرة النسبية للموارد كالتالي:
1- إن الدولة هي التي تحدد الأساليب الفنية التي تتبع لإنتاج السلع والخدمات كما تقرر عن طريق جهاز التخطيط نمط توزيع الناتج بين أفراد المجتمع.
2- إن الدولة تقوم أيضا بتوجيه الموارد بالنسبة لاعتبارات التشغيل الكامل والكفاءة الاقتصادية والنمو الاقتصادي.
هذا لا يعني اعتماد النظام الاشتراكي علي أسلوب التخطيط لمواجهه المشكلة الاقتصادية اختفاء جهاز الثمن كليه إذ يؤدي دورا في النظام الاشتراكي ، وان كان يختلف تماما عن دوره في النظام الرأسمالي فنجد انه لا يعدو أن يكون مجرد أداه من أدوات السلطة المركزية لضمان تنفيذ الخطة العامة للدولة في بعض المجالات وفقا للأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي حددتها الدولة مسبقا.
7/5/1/3- عيوب النظام الاشتراكي
على الرغم من ظهور بعض المميزات للنظام الاشتراكي في الإطار النظري إلا أنه في الحقيقة قد انطوى على كثير من العيوب القاتلة والتي أدت إلى سقوط أغلب المجتمعات الاشتراكية اقتصادياً وإلى تحول أغلب المجتمعات الاشتراكية إلى مجتمعات رأسمالية بعد ذلك وأبرز هذه العيوب هي:
1- المركزية الشديدة وتركز السلطة: يقوم جهاز التخطيط بتحديد ماذا ينتج وكميته ونوعه وكيفية هذا الإنتاج ومن يحصل عليه ( التوزيع ) ، وفي الحقيقة جهاز التخطيط في الغالب هو السلطة العليا في الدولة المتمثلة في طبقة الحزب الحاكم ، مما يعني تحول الدولة إلى ديكتاتورية تحكمها طبقة الحزب الحاكم ويتحكمون في كل شيء يجري في الدولة.
وقد نتج عن هذه المركزية الشديدة وتركز السلطة الوقوع في العديد من الأخطاء حالت دون تحقيق الكفاءة الاقتصادية والكفاءة الإنتاجية في تخصيص الموارد ، هذا بالإضافة إلى التأخر في اتخاذ القرارات ، فنتيجة لتركز السلطة في يد السلطة العليا يجب أن ترفع إليها الكثير من البيانات والإحصائيات لتصدر القرار ثم تنزل هذه القرارات مرة أخرى ، ولك أن تتخيل الوقت الذي يتطلبه رفع بيان أو إحصائية عن صناعة من الصناعات مثلاَ حتى يصل إلى السلطة العليا, ثم الوقت الذي تستهلكه السلطة العليا إلى المسئولين عن هذه الصناعة ، لا شك أن هذا يستغرق وقتاً كبيراً جداً مما يؤدي إلى بطء في اتخاذ القرارات وبالتالي سوء استغلال للفرص.
2- البيروقراطية والتعقيدات المكتبية: وقد تعمقت البيروقراطية والتعقيدات المكتبية نتيجة لأن تحديد كمية ونوعية الإنتاج واختيار طرق وأساليب الإنتاج وغيرها كلها قرارات يتم اتخاذها من جهاز التخطيط المركزي وبالتالي فهذا يتطلب عدداَ كبيراَ جداً من الموظفين الذين يقومون بجمع البيانات والإحصاءات وتبويبها وتحليلها ، وموظفين آخرين لدراستها ومقارنتها حتى يتمكن جهاز التخطيط المركزي من اتخاذ القرارات المناسبة وقد أدى ذلك إلى تضخم الجهاز الإداري وتزايد الأجهزة الرقابية مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج من ناحية ، وإلى تعطيل كثير من الإجراءات من ناحية أخرى ناهيك عن بعض التطبيقات التي أسفرت عن التسيب والفساد.
3- عدم القضاء على الاستغلال: حيث أسفر التطبيق العملي للاشتراكية أنها لم تستطع تحقيق العدالة في التوزيع بل حدث خلاف ما ادعته ، ففائض القيمة الذي كان يذهب للرأسماليين في ظل النظام الرأسمالي أصبح يذهب إلى الدولة في النظام الاشتراكي ولم يؤول إلى الطبقة العاملة وهكذا ظلت العمالة مستغلة حتى في النظام الاشتراكي حيث لا تستلم قيمة إنتاجها وإنما تستلم بالقدر الذي تراه الحكومة مناسباً.
كما ظهر نوع استغلال آخر نتيجة للمبدأ: "كل حسب طاقته لكل حسب حاجته". ولنفترض مثلاً أن هناك شخصين ( س ، ص ):
س قدرته =10 وحدات.
ص قدرته= 5 وحدات.
وإذا نظرنا إلى الحاجات:
س حاجته 5 وحدات.
ص حاجته 10 وحدات.
فمعنى ذلك أننا سنأخذ من الشخص "س" 5 وحدات ونعطيها للشخص "ص" وبالتالي فهذا استغلال من الشخص "ص" للشخص "س".
4- غياب نظام حوافز كفء : وقد أشارت بعض الدارسات المقارنة بين النظام الاشتراكي والرأسمالي أن إنتاجية العامل في النظام الاشتراكي أقل من إنتاجية العامل في النظام الرأسمالي وذلك لأن العامل في النظام الاشتراكي لا يجد ما يحفزه على الإنتاج طالما أنه يستلم أجراً محدداً بغض النظر عن إنتاجيته ، فغياب حافز الربح أدى إلى انخفاض الإنتاجية لدى أفراد المجتمع الاشتراكي ، وقس على العمال المديرين ورؤساء الشركات لهم أجر محدد كذلك، وبالتالي تجدهم ليس لديهم الدافع لتوسيع الشركة ولا لتغطية ربحها مما يؤدي إلى سوء استغلال الموارد الاقتصادية وعناصر الإنتاج ، كما أدى إلى تخلف الآلات والمعدات المستخدمة في العمليات الإنتاجية.
7/5/1- النظام الإشتراكي المرسمل Liberal Socialist System
يقوم النظام الإشتراكي المرسمل على الدعائم الأساسية للنظام الاشتراكي الشيوعي ، بيد أنه يختلف عنه في زيادة حجم ودور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي ، فهو نظام نتج عن طريق تحول النظام الاشتراكي الشيوعي نحو اقتصاد السوق أي الرأسمالية ، ولكن مع المحافظة على الدعائم الإجتماعية المكتسبة من النظام الاشتراكي الشيوعي.
وفي إطار هذا النظام تتخلى الحكومة عن الخطة الشاملة العامة القائمة على الملكية العامة و مفهوم المركزية ، وإستبدالها بخطة تأشيرية قائمة على القطاعين العام والخاص مع إتاحة الفرصة لزيادة حجم ودور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
وفيما يلي صور من تحول بعض المجتمعات القائمة على النظام الاشتراكي الشيوعي إلى النظام الاشتراكي المرسمل
ففي بولندا: أطاحت حركة تضامن بالحكومة الشيوعية ، وحكمت البلاد عناصر غير شيوعية لأول مرة وأصبح الحزب الشيوعي هامشياً.
وفي المجر: تم حل الحزب الشيوعي المجري وقيام حزب اشتراكي ديموقراطي خلفاً له يؤمن بالتعددية الحزبية وبالديموقراطية وتبني قوانين السوق ( الرأسمالية ).
وفي تشيكوسلوفاكيا: خرجت الجماهير في مظاهرات ضخمة تنادي بالإصلاح واختفى وجه الزعيم الشيوعي التشيكي "ميلوس جاكيس" ودعا "باتسلاف هاقل" الرئيس الجديد إلى محو كل آثار الشيوعية في البلاد وتعهد بإقامة دولة جديدة تحترم حقوق الإنسان.
وفي رومانيا: خرجت الجماهير في مظاهرات تطالب بالإصلاح وانتهت بإعدام الرئيس "شاوشيسكو" بعد اتهامه بالخيانة ونهب أموال الدولة.
وفي يوليو 1990 م وافق برلمان رومانيا من حيث المبدأ على خطة عقدّ اللبنة الأولى نحو التحول إلى نظام الاقتصاد الحر.
كذلك في ألمانيا الشرقية: إندمج النظام الاقتصادي لألمانيا الشرقية مع النظام الاقتصادي لألمانيا الغربية في 1 يوليو 1990 م.
حتى الاتحاد السوفيتي نفسه: القطب الاشتراكي المواجه لقطب الرأسمالية في العالم سقط مع بزوغ فجر 1992 م وتفكك إلى خمسة عشر دولة على رأسهم جمهورية روسيا.
ظريف توفيق جيد
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)