الثلاثاء، 20 يوليو 2010

المشكلة الاقتصادية

1- السلوك الإنساني
يقصد بالسلوك الإنساني كل نشاط يصدر عن دوافع معينة تمثل حالة من التوتر الجسمي النفسي كإستجابة Response لمثير أو منبة Stimulus خارجي ( فيزيائي ، إجتماعي ) أو داخلي ( فسيولوجي ، نفسي ) موجه لتحقيق غاية محددة هي إشباع الدوافع.

ويتحدد مجال كل علم من العلوم الإنسانية بناء على موضوعة الذي يمثل جانب من جوانب هذا النشاط ، فمجال البحث في علم النفس مثلاً ينصب على دراسة ماهية السلوك وتفسيره ويقوم علم الاجتماع بدراسة علاقات التشابك المكونه لبنية المجتمع نتيجة الإجتماع الإنساني بينما يتحدد مجال البحث في علم الاقتصاد في دراسة الوسائل الممكنة والمتاحة لتحقيق الغاية من السلوك الإنساني ، والمتمثلة في إشباع ما يقف وراء السلوك الإنساني ويحركه ؛ أي الدوافع.

بيد أن هذه الدوافع ماهي إلا إلحاح حاجة أو رغبة ، وبالتالي فإن النشاط الإنساني الرئيسي ماهو إلا إستغلال الوسائل الممكنة والمتاحة لإشباع الحاجة أو الرغبة الإنسانية ، هذه الوسائل الممكنة والمتاحة لإشباع الحاجة أو الرغبة هي ما يطلق عليها إصطلاحاً بالسلع والخدمات.

وعليه ، فإن العمل الرئيسي للإنسان الفرد أو للإنسان الجمعي ( المجتمع ) عموماً هو إنتاج وإستهلاك السلع والخدمات التي تمثل الوسائل الممكنة والمتاحة لإشباع الحاجات والرغبات للفرد أو المجتمع

2- مجال علم الاقتصاد
بيد أن الوسائل الممكنة والمتاحة التي يقوم علم الاقتصاد بدراستها ، والتي تنحصر في عمليتي الإنتاج والإستهلاك للسلع والخدمات يجب أن تكون لها قيمة تبادلية ، ويعني أن للشيء قيمة Value أنه يحمل منفعة محددة ومعروفة ، أي القدرة على إشباع حاجة أو رغبة إنسانية ، وهذه القدرة مكتسبة نتيجة خواص ذاتية مرتبطة بطبيعة هذا الشيء نفسه. بينما تمييز هذه القيمة بأنها تبادلية Value of Exchange يعنى أن هذا الشيء يحمل قدرة الإستبدال مع شيء أخر هذه القدرة مكتسبة نتيجة ندرة هذا الشيء ندرة نسبية ، أي أنه موجودة بكمية أقل من الإحتياج إليه.

وعليه ، يتحدد مجال إهتمام علم الاقتصاد بدراسة الإنسان من جانب حياته المادية فقط أو مايعُرف بإنسان الاقتصاد أو الإنسان الاقتصادي Economic Human الذي يقوم بكل نشاط ينحصر في السلوك الإنساني المُنتِج والمستهلك ـــ والذي يعُرف بالسلوك الاقتصادي Economic Behaviorــ للسلع والخدمات التي لها قيمة تبادلية.

وتعرف هذه السلع والخدمات التي لها قيمة تبادلية في المجتمع بمصطلح السلع والخدمات النادرة ( الاقتصادية ) تمييزاً لها عن السلع والخدمات الحرة كالهواء ، أشعة الشمس …… إلخ والتي لاتثير أي إهتمام اقتصادي كونها موجودة بكمية أكبر من الإحتياج إليها.

وتوصف أي سلعة أو خدمة بأنها نادرة نتيجة ندرة مكوناتها ووسائل إنتاجها لجعلها صالحة لإستعمال والإستهلاك ؛ هذه المكونات ووسائل الإنتاج هى التي يطلق عليها مصطلح الموارد النادرة أي الموارد الاقتصادية ، والتي تتميز ــ علاوة على أنها نادرة ـ بخاصية أن لكل مورد على حدة العديد من الإستخدمات المختلفة ، فقطعة الحديد الخام من الممكن أن تكون ألة أو تستخدم في صناعة السيارات أو أن تكون قضيب لقطار أو تدخل في صناعة القطار نفسه أو … إلخ

وتعد هذه السلع والخدمات النادرة سبب وفي نفس الوقت نتيجة السلوك الاقتصادي بشقيه الإنتاجي والإستهلاكي ، فهى سبب للسلوك الإستهلاكي الذي يمثل إلحاح وطلب على هذه السلع والخدمات ، وهى نتيجة للسلوك الإنتاجي الذي يمثل إستجابة لهذ الطلب كعرض لهذه السلع والخدمات ، وكونها نادرة فهذا يعني أنها منتسبة من جهة الملكية لشخص معين بذاته حيث أنه لايمكن تصور شيء نادر إلا وأنه ملكية لشخص معين ، لذلك يمكن أن تنسب لمالكها بأنها ما لفلان ومن هنا تعرف بأنها مال.

وإجمالاً ، فان عمل الإنسان الاقتصادي هو إنتــاج وإستهلاك السلع والخدمات النادرة أي القيم التيادلية أو المال ، ويكون الإنتاج عن طريق إستغلال الموارد النادرة ذات الإستعمالات البديلة ( وسائل الإنتاج ) ، بغرض معين ؛ وهو الحصول على الثروة التي تعرف بأنها "المال" أي القيم التبادلية المملوكة أو جملة السلع والخدمات ، أما الإستهلاك فيكون عن طريق إستخدام هذه السلع والخدمات ( وسائل الإستهلاك ) في إشباع الحاجات والرغبات الإنسانية اللانهائية.

3- المشكلة الاقتصادية
بيد أن السلوك الاقتصادي في حد ذاته يقوم على مضادة أساسية تقع بين شقيه الإنتاجي والإستهلاكي ، هذه الضادة هي فعلاً التي تضمن تواتر هذا السلوك وإستمراريته وتتمثل هذه المضادة في أن السلوك الإنتاجي ينطوي على محدودية دائمة مصدرها مسببات العملية الإنتاجية نفسها ، أي الموارد النادرة ذات الإستعمالات البديلة ( وسائل الإنتاج ) بينما ينطوي السلوك الإستهلاكي على عدم محدودية دائمة مصدرها مسببات العملية الإستهلاكية نفسها أي الحاجات والرغبات اللانهائية.

و من هذه المضادة تبرزما يعرف بالمشكلة الاقتصادية التي وجد علم الاقتصاد من أجل حلها والتخفيف من حدة وطئتها ، والتي تُعرف بأنها "معضلة تخصيص الموارد النادرة ذات الإستعمالات البديلة لاشباع الحاجات والرغبات المتعددة المتنوعة المتنامية غير المتناهية".

وتتحدد المشكلة الاقتصادية في ثلاث عناصر تشكل المكونات الأساسية لها ، والتي تتمثل في الحاجات والرغبات ، الموارد الاقتصادية ، والتخصيص ، ونتيجة العلاقات فيما بين هذه العناصر يتضح أن للمشكلة الاقتصادية ثلاث أبعاد رئيسية هى الندرة ، الإختيار والتضحية ، وعند معالجة المشكلة الاقتصادية يبرز لها ستة محاور هى المنتَج ، الفن الإنتاجي ، التوزيع الكفاءة ، التشغيل الكامل ، والطاقة الإنتاجية المتنامية.

ظريف توفيق جيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق